برعاية "التّربية" .. الفوضى تعمُّ المدارس!
لجين البوطي
"المدرسة بيتك الثاني"، هذه الحكمة التي لطالما تداولناها منذُ الصّغر، التي نُقشت في أذهاننا من قبل معلّمينا وإدارة المدرسة, إلّا أنّ حتى "بيتنا الأول" يخشى فعل الفظائع التي ترتكبها بعض المدارس بحق الطلاب .
في إحدى مناطق مساكن برزة، أستقلُّ إحدى سيارات الأجرة، لأجد صبيّاً يافعاً يجلس بجانب السائق، ينزل من السيّارة ليقول له "أبو نادر" السّائق، "لا تعذّب معلمك يا ابني"!
استوقفتني هذه اللحظة لأستفسر عن سبب قول "معلمك" لصبي لا يتجاوز سنّه الـ14، ثمّ بدأ أبو نادر بسرد حكاية ابنه لي..
يدرس نادر في إحدى "إعداديّات" حي مساكن برزة، في الصف "السابع"، والذي كان يعيده هذا العام للمرّة الثالثة على التوالي، يعاني هذا الصبي "الكسول" من متلازمة "كره المدرسة" ولكن غالباً ما يكون لهذه المُتلازمة أسباب ودوافع منطقيّة.
وبسبب كسله وتقصيره في الدراسة، كثيراً ما يتعرّض للتوبيخ والضرب والشتائم والإهانات حتى من قبل مدير المدرسة، ولكن ما يُطمئن "أبو نادر" أن ابنه ليس سيئ الأخلاق أو التربية بشهادة معظم معلّميه والمشرفين على تعليمه.
في إحدى المرّات، احتاج بائع الغاز "صِبيَة" لمساعدته في عمله وهو يحمل "جرّات الغاز" الممتلئة والفارغة في "هوندايته"، فما كان من المدير إلا أن قرر "الفزعة" له وإرسال بعض "الصبية" أي عدد من التلاميذ لمساعدته على حمل الجرّات من وإلى المنازل..
إلا أن الأمر لم يقتصر عند هذا الحد، عاد نادر في أحد الأيّام وكان متعرّضاً للضرب من قبل مدير المدرسة، كارهاً الدراسة وكل ما يقرب إليها ورافضاً العودة إلى مدرسته مجّدداً، ، ذهب "أبو نادر" لزيارة المدير وحاول أن يعرف منه عن سبب هذه المٌعاملة السيئة فكان ردّه "ابنك مو شاطر وبيستاهل الضرب لأنو كسلان".
ويُكمل السائق: «بالإضافة للضرب و"عمالة الأطفال"، تتّبع المدرسة أسلوب العقاب في حال تأخّر الطلّاب، ولا مانع لذلك إن كان تأثيره إيجابيّاً، لكن المُشكلة أنّ عقابهم "الوقوف خارج المدرسة"، وهذه فُرصة الطلّاب الذهبيّة للتدخين وتبادل الشتائم والتسلّق على الجدران وغيرها من الممارسات المُحرّمة عليهم ضمن نطاق المدرسة، وهذا بدوره يدفع التلاميذ لفساد الأخلاق والأدب».
قرّر نادر ترك الدراسة والتوجّه نحوَ العمل، واليوم يُكمل الشهر والنّصف خارج المدرسة، ولم يُرِد حتّى الآن لأيٍ من ذويه أيّ اتصال من مدرستهِ يستفسرعن السبب، أو أن يطمئنّوا فقط على وضعه، أو حتى أن يحاولوا ولو محاولةٍ أخيرة بإرسال مشرفة اجتماعيّة لمحادثته وإقناعه بالعدولِ عن قراره.
وبعد عدّة "شكاوى" تتردد حول الفوضى العارمة في المدارس، لم تتحرّك أي جهة لمعالجة هذا النوع من المشاكل، وهذا بدوره دفع معظم الأهالي لوضع أولادهم في مدارس "خاصّة".
نادر اليوم "صنايعي" في محل كهربائيّات وخارج مدرسته، والمدير مازال في "منصبه"!
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: