Friday May 10, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

زواج من نار!

زواج من نار!

جوان ملا

 

الزواج جزء من أسلوب حياة يعيشه البشر منذ الأزل، وهذه الطريقة تجمع بين شخصين في مكان واحد ليعيشا معاً متمتعَين ببعضهما وبالأسرة التي سيكوّنانها، وبمنزلهما.

هذه المعايير قد تختل في كثير من الأحيان، فتنتهي بالانفصال ويذهب كلٌّ في طريقه، لكن ماذا إن كان هذا الزواج من بدايته عبارة عن كارثة بحق الفتاة تحديداً؟.

"الفصلية" هو زواج رسمي يتم بين رجل وامرأة بعد خلاف بين عائلتين أو عشيرتين، وهذا الزواج مازال مستمراً في بعض المناطق العربية حتى يومنا هذا، حيث تمنح العائلة للأخرى ابنتهم دون مهر لابنهم الشاب مقابل أن تنتهي الخلافات بين العائلتين.

هذه المرأة التي تذهب بقدميها ضحيةً للزواج من رجل قد لا تحبه أو يكون أكبر منها سناً أو أصغر ستبقى طيلة حياتها ذليلة في منزلٍ يجب أن يكون جنتها.

حتى اليوم تعاني إناث المجتمعات العربية لاضطهاد كبير، من ختان وتزويج قاصرات، وتعنيف أسري وزوجي، لتأتي "الفصلية" وتزيد من المآسي مأساة أخرى.

لا تدري هذه العشائر التي تقوم بالفعل الشنيع هذا كم هي غارقة في وحل الجهل الذي يسمح لهم بتقديم ابنتهم كهدية أو سلعة رخيصة وكأنها عبارة عن كتلة جامدة لا تملك مشاعر أو أحاسيس.

تذهب هذه الأنثى بكل رُخص إلى رجلٍ تخضع لشروطه وأوامره كيلا تثير الفتنة من جديد بين الأسرتين، فتبدو كالماء التي أطفأت ناراً متقدة ثم أخذتها وأشعلتها في قلبها، تصبغ يديها بالحِنّاء وتُرسم على كفوفها أول خطوط الألم، تبكي على سريرها بعد كل معاشرة زوجية، وتنزف منها دماء العار، قد تنجب أبناءً من طين، بلا لهفاتِ أسرةٍ من المفروض أن ترى النور بأبنائها، بينما الزوج يرى فيها تلك الآلة التي تنجب وتغسل وتكوي وتنظف وتضاجع دون أن يدري بجهله الموروث أن لهذه السيدة قلباً لا ينبض من أجل العيش فقط.

مؤخراً نشر الإعلامي اللبناني "نيشان ديرهاروتيان" فيديو يظهر مراسم زفاف مرفقة بأهازيج لصبية في الثانية والعشرين من عمرها تتزوج من صبي بعمر الثانية عشرة!، تبدو في عينَي هذه الصبية أحزانٌ مكدسة وغضبٌ مكبوت، ليأتي زوجها "الطفل" ويمسك يدها معتبراً نفسه رجل البيت القادم، فتُضطر للمسها حاملةً في قلبها كل التعب وراضخةً للإذلال وكأنها تُزَفُّ لمثواها الأخير بكفَن مُزركش، فهل يُسمَعُ صدى الصراخ الداخلي لتلك الزوجة وغيرها أم يبقى اعوجاج العادات والتقاليد الجاهلة يزيغ عن رؤية الحقيقة مصاباً بالعمى؟.  

 

المصدر: خاص

شارك المقال: