وسط الخلافات المتنامية.. ترامب وبوتين يتبادلان العبارات الدبلوماسية
محمد نادر العمري
"قمة أوساكا"، ليست اللقاء الأول بين الزعيمين الدوليين "دونالد ترامب" و"فلاديمير بوتين"، بل هو السادس بين الرئيسين مع اختلاف طبيعة وشكل هذه اللقاءات والتي كان أولها "قمة هامبورغ" في تموز 2017، وما تلا ذلك من لقاءات جانبية أو معمقة كما حصل في "قمة هنلسكي".
التوافقات بحدودها الدنيا هي العنوان الأبرز الذي يمكن إطلاقه على هذا اللقاء وسط الانقسامات السياسية التي تشهدها الملفات الدولية، وذلك يعود لعدة أسباب تشكل حاجة أمريكية:
الأول: أثبتت الأحداث السابقة وبخاصة إسقاط "إيران" للطائرة التجسسية الأمريكية في "مضيق هرمز"، إلى عدم قدرة "الولايات المتحدة الأمريكية" على استخدام القوة العسكرية لفرض إملاءاتها وأهدافها في التعاطي مع الدول مثل "فنزويلا" و"أوكرانيا" و"سوريا" و"اليمن" و"إيران" و"كوريا الشمالية"، وبالتالي "ترامب" بحاجة للإبقاء على صيغة التعاون مع "روسيا" ولو بحدودها الدنيا في محاولة إيجاد نوافذ لواشنطن في الوصول للحلول السياسية.
ثانياً: الدور الروسي المتنامي والمتزايد في إدارة الملفات الدولية، وبخاصة بعد انسحاب "واشنطن" من الاتفاق النووي الإيراني وتعرض مفاوضات "واشنطن" مع "كوريا الشمالية" لانتاكسة، وهنا يبرز الدور الروسي المؤثر على كلا الدولتين بحسب طبيعة المواقف والمصالح التي تربط "موسكو" مع عواصم هذه الدول واحتمالية أن تؤدي "روسيا" جسر تواصل مع "إيران" و"كوريا الشمالية".
ثالثاً: التمهيد لهذا الاجتماع منذ زيارة "مايك بامبيو" منذ شهرين لـ"موسكو" وصولاً للاجتماع الثلاثي الذي انعقد على مستوى رؤساء الأمن القومي لـ"روسيا" و"أمريكا" و"إسرائيل" في "الأراضي المحتلة" قبل يومين من انعقاد قمة العشرين في "اليابان"، ومما ساهم في نجاح انعقاد هذا الاجتماع وعدم إلغائه على غرار ماحصل في "قمة الأرجنتين" هو تخلص "ترامب" من الضغوط الداخلية والمتمثلة في اتهامه بالعلاقة والتدخل الروسي لضمان نجاحه في انتخابات 2016.
رابعاً: تفاقم الخلافات الأمريكية التركية من جانب والأخيرة مع روسيا من جانب آخر فيما يتعلق بالملف السوري، فالتنامي بالخلاف برز مع واشنطن على خلفية رغبة "أنقرة" في خرق "محرمات الناتو" بالحصول على منظومة "S400" من روسيا العدو التاريخي لحلف الأطلسي ورفضها التزاوج مع الأكراد في المنطقة الآمنة، بينما تمثل الخلاف الروسي مع تركيا فيما يتعلق بعد تنفيذ أنقرة لالتزاماتها في محاربة الإرهاب وعرقلة تشكيل اللجنة الدستورية.
خامساً: اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية وحاجة ترامب إلى تحقيق أي إنجاز سياسي خارجي أو عدم تعرض لأي هزيمة سياسية، يوظفه ضمن حملاته الانتخابية القادمة.
فضلاً عن الملفات المتراكمة بين الجانبين والتي شكلت خلال الفترة السابقة نقاط تجاذبات تتعلق بالبيئة واتفاقات الأسلحة النووية والمتوسطة والسياسات الاقتصادية الدولية في ظل تنامي الصراع المتزايد بين وواشنطن وبكين على أثر توجه ترامب نحو التمسك بالحمائية الاقتصادية التي تهدد الاقتصاد الدولي بالركود والجمود واحتمالية تعرض النظام الدولي لأزمات عاصفة.
أجندة اللقاء الروسي الأمريكي لم تخرج بمضامينها إلى العلن ولايمكن التعويل عليها في ظل السلوك الأمريكي المتقلب والمزاجي فضلاً عن الرفض القاطع لمؤسسات الدولة العميقة الأمريكية للتعاون مع روسيا عسكرياً وسياسياً.
فالعبارات الدبلوماسية التي سادت ماتسرب من اللقاء وارتياح "بوتين"، كان أكثر منها ترامب الذي حاول ممازحة نظيره لإظهار هيمنته على اللقاء والبعث برسائل داخلية بعد تبرئته وفق تقرير مولر، يطرح تساؤلاً هل من إمكانية ترجمة هذه اللقاءات؟
في الحقيقة كلام بوتين عن أنه رغم عدم اجتماع الزعيمين إلا أن اللجان المشتركة هي في اجتماع مستمر، يشي بتحقيق نوع من التوافق على الأقل في عدم تفاقم الملفات المتنازع عليها، ويحافظ على العلاقة في حدودها الدنيا بين الجانبين.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: