"طوابير القوت اليومي" .. مهرها غالٍ !!
التضور من الجوع يقتل صاحبه كلما دنا منه أكثر فأكثر، وعصافير المعدة يصدح صوتها ضجراً من قلة زوارها وتسلي وحدتها برغيف خبز حكومي يأكل من وقت المواطن الكثير، فصراع أهم طوابير الحاجات في بلدنا لا يأكل الوقت فقط بل ينهش من عمر الشباب وينال من هيبة الشيوخ والنساء.
الشباب نسوا دور السينما والأطفال يستمرون في تجاهل المهرجانات ومدن الملاهي، والكبار يرتادون المقاهي ضجراً وليس رفاهيةً، فالكل بات مجنداً في خدمة الرغيف من أجل رفع رايته البيضاء الناصعة على زعم مدير فرع دمشق في الشركة العامة للمخابز، لذلك لابد من سماع أغنية صباح "ساعات ساعات" لعشق الحاجات أكثر من أجل ملئ السكات الذي امتاز به الدمشقيون في السعي وراء لقمة عيشهم.
وعلى سبيل الأرقام التي تراود السوريين في سعيهم وترحالهم، يذكّر مدير قوت الشعب سكان العاصمة بالاستهلاك اليومي والذي وصل إلى 425 ألف ربطة يومياً بما يعادل 3 ملايين رغيف، وبعد حبكة حسابية لسعادة المدير رفقة رؤساء أفرع الخبز تبين معهم أن الدمشقيين يكلفون الحكومة العتيدة 21،2 مليون ليرة!!.
عزيزي المواطن، عزيزي الفقير، الحكومة تصرف الكثير وتعمل جاهدة في تأمين مأكلك عوضاً عن خطاباتها الجياشة في شحن همتك، وبهدلتك اليومية على الطوابير هي شرفٌ كبير بحكم أنك بطلٌ تقف بوجه مؤامرة الأمن الغذائي الكوني، وفي حال ضعفت همتك قليلاً فكل ما عليك تناول حبة "فخرفيتامين" تذكرك بماضيك الذي تناولت فيه "السمون" و "الكروسان"، وتعيد لك هيبة الشموخ في وجه الفرّان.
وتصغير الرغيف في الأفران الآلية ببرزة ماهي إلا "ضرباً من الحنكة"، وأكل 15 سم من قطره الدائري مقابل الزيادة في عدد الربطة الواحدة، خطةٌ أكلت العديد من وقت مبدعيها، لذلك اشكر ربك يا من تتناول الرغيف كاملاً وذكر نفسك مراراً وتكراراً بفضل فرن منطقتك عليك، وإياك والتفكير بالوجه الثاني من عبارة المسيح عليه السلام "بالخبز وحده لا يحيا الإنسان"، ففي دمشق التاريخ تستطيع العيش بخبزة وزيتونة كلما بحثت عن السترة فقط!
المصدر: خاص
شارك المقال: