Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

"طروحات محددة" بخصوص منابع النفط الرئيسية في سوريا !

"طروحات محددة" بخصوص منابع النفط الرئيسية في سوريا !

محمود عبد اللطيف

يتحدث الروس عن "طروحات محددة"، بخصوص منابع النفط الرئيسية في سوريا، يجب أن تتخذ الحكومة قراراً بخصوصها، ما يوحي بأن موسكو قدمت طرحاً يتعلق بالمنطقة الشرقية، وغالباً فإن هذا الطرح مبني على أساس تفاهم "روسي – أمريكي"، لا يضع فتح الدولة السورية لمعركة واسعة ضد "قوات سوريا الديمقراطية"، كأحد الخيارات، وعلى أساس أن الاستراتيجية الأمريكية تبدلت في الداخل السوري من محاربة تنظيم "داعش"، إلى محاربة ما تسميه بـ "الوجود الإيراني"، في حين أن الاستراتيجية الحقيقية تتمثل بالحفاظ على الاستفادة الأمريكية من عائدات النفط السوري مقابل تسليح "قسد"، إضافة إلى الحفاظ على الطرق الرئيسية الرابطة بين سوريا والعراق مقطوعة بوجه الحركة التجارية بين البلدين، بما يمنع أي مرور عسكري إيراني إلى الأراضي السورية برّاً.

في الظاهر، يبدو أن الحكومة الروسية مهتمة بإعادة منابع النفط الأساسية إلى السيطرة السورية، ولكن هذا السعي قد يكون مجزوءاً خلال المرحلة القريبة، بمعنى أن تعود سيطرة الدولة إلى الحقول النفطية الواقعة بريف "دير الزور" الشمالي والشرقي، مع احتمال أن يضم إليها الحقول النفطية في ريف الحسكة الجنوبي، على إن حقولاً مثل "رميلان – السويدية"، قد تبقى تحت سيطرة ما يسمى بـ "الإدارة الذاتية"، وإذا ما ذهبت الحكومة السورية إلى قبول مثل هذا الطرح، فإن واشنطن ستكون مجبرة على رفع الحظر عن الحوار مع الحكومة الذي فرضته على "قسد"، تحت طائلة التهديد بقطع المعونات العسكرية.

حوار دمشق مع "قسد"، قد يبدأ من بحث ملف "اللامركزية"، الذي تريده الأخيرة، مع التذكير بأنها طالبت في البيان الذي أصدرته بُعيد السيطرة على بلدة "باغوز فوقاني"، باعتراف "دمشق" بشرعية وجودها، إضافة إلى الاعتراف بما أسمته "الإدارات الذاتية المنتخبة بالشمال السوري"، ولا يبدو أن الحكومة السورية قد توافق على مثل هذه الطروحات إذا ما خرجت عن نص قانون الإدارة المحلية، ناهيك عن كون تحويل الدولة إلى النظام اللامركزي في الإدارة يحتاج إلى تعديل دستوري، وهذا ما قد يتأخر كثيراً بسبب عدم تشكل اللجنة الدستورية التي تريدها الأمم المتحدة كخطوة أولى لمناقشة الدستور الحالي لسورية، مع العلم إن الحكومة السورية لا تجد مانعا من تعديل بعض المواد الدستوري الخلافية، إلا أنها ترفض وضع دستور جديد، وفقا لرؤى الدول المعادية لها والممولة للمعارضات الخارجية.

وقد يكون الطرح الروسي يتعلق باتفاق "تشغيل مشترك"، تعمل من خلاله الفرق التابعة لوزارة النفط السورية على إعادة تشغيل الحقول النفطية في المنطقة الشرقية مقابل أن تحصل "قوات سوريا الديمقراطية"، على حصة من النفط الخام، إلا أن المشكلة هنا تكمن في مدى قدرة واشنطن على ضبط قادة "قسد"، من أمراء تهريب النفط إلى تركيا وإقليم شمال العراق، مع الإشارة هنا أيضا إلى أن المعلومات التي حصلت عليها "جريدتنا"، من أكثر من مصدر كردي، تؤكد أن الحراقات الكهربائية التي تشغلها "قسد" في مناطق متعددة من ريف الرقة تعمل على إنتاج مشتقات النفط بهدف بيعها إلى ميليشيا "درع الفرات" المتمركزة إلى جانب قوات الاحتلال التركي في مناطق ريف حلب الشمالي الشرقي، وهذه الميليشيات تقوم بدورها ببيع جزء مما تشتريه إلى تجار محافظة "إدلب"، المرتبطين بتنظيم "جبهة النصرة"، وهذا ما يفسر قدرة التنظيمات المتمركزة في شمال غرب سوريا على الحصول على المشتقات النفطية بأسعار رخيصة مقارنة بالسوق التركية، بما يؤمن حركة آلياتها، واستمرارية الحياة في المحافظة التي تسيطر عليها.

الكلام الروسي حول هذه الطروحات، يوحي بأن دمشق لم توافق بشكل مباشر، وهذا يعني بالضرورة أن الطروحات شائكة وتحمل الكثير من الألغام السياسية التي قد يكون غفل عنها الحليف الروسي، ولابد من إعادة النظر فيها، فالاعتراف بمشروعية وجود "قوات سوريا الديمقراطية"، على الرغم من أنها تعد بشكلها الحالي، قوة برّية توالي الاحتلال الأمريكي، كما الحديث عن اتفاق التشغيل المشترك قد يكون مقبولا بعض الشيء شريطة ألا يكون النفط مقابل أي تنازل سياسي يمس بالسيادة الوطنية، لكن لماذا لا تقوم الحرب في الشرقية ضد الميليشيات المرتبطة بـ "واشنطن"..؟

إعطاء القوات الأمريكية الذريعة لتنفيذ اعتداءات ضد قوات الجيش السوري، أو الذهاب نحو حرب مفتوحة مع القوات الأمريكية ومن خلفها حلف شمال الأطلسي، يعد مطلبا من "واشنطن" نفسها، إذ أنها تفتقد المبرر الذي ستسوقه للرأي العام العالمي لفتح مثل هذه الحرب مقارنة بالذرائع التي ساقتها قبل الحرب على العراق، فدمشق، سارعت إلى تفكيك الترسانة الكيميائية حين طلب منها ذلك، وقطعت في العام 2013 الطريق على إدارة الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما"، في توجهه نحو حرب مفتوحة على سوريا، كما أن "قسد"، مهددة بالتفكك، لأنها مشكلة من جملة من الميليشيات غير المتجانسة على المستوى الإيديولوجي والعرقي، وهناك حالة من التنافس الخلافي المتصاعد بين مكوناتها، ما يعني أنها قد تذهب نحو حرب داخلية توفر على الدولة السورية مشقة الدخول في مواجهة معها، ناهيك عن خطر تشكل تنظيم "داعش"، من جديد إذا ما رأت "قسد"، أن من مصلحتها عودته.

على ذلك، يمكن القول إن الذهاب نحو مثل هذه المعركة خيار غير ضروري حالياً، ومع التركيز على السياسة يبدو أن الطرح الروسي سيرفض أو سيتم تعديله من قبل الدولة السورية.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: