Friday November 22, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

تركيا مستمرة في التفاوض

تركيا مستمرة في التفاوض

مروة ياسين

يبدو أن التضامن مع أي قضية إنسانية بات له اعتبارات جديدة فيجب أن تُحسب المكاسب والخسائر القادمة من وراء هذا التضامن، كذلك هو الدفاع عن قضية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" الذي خرج من عباءة الإنسانية وحرية الصحافة، بعد أن أخذت الدول تقتسم المصالح من الكعكة التي سقطت من يد السعودية.

بات حساب المصالح من تبعات الموقف المتخذ تجاه القضية واضح حد "الفضيحة" فمثلاً أمريكا صرحت أنها «لا تود خسارة 600 ألف وظيفة لمواطنيها في السعودية»، وكذلك هي دولة الاحتلال التي أرفقت تنديدها بمقتل "خاشقجي" بقولها: «إن التعاون مع الرياض في مواجهة إيران له أولوية أكبر»، وحتى قطر التي شكلت هجمة تضامن إنسانية كبيرة كان مقتل "خاشقجي" الرزق الثمين الذي سقطت من السماء لتخرج "لهجة التشفي" من السعودية في إعلامها ليشكل تضامنها نقطة قوة لها في خلافها الكبير مع السعودية. 

سقوط الكعكة السعودية في حضن تركيا كان لا بد من استغلاله بذكاء أيضاً، واللعب على مبدأ "عطه ما يخالف" السعودي لحل المشاكل بطريقتي صفقات النفط، و"كمشات" المال.

عملية "ضخ" التصريحات من كل حدب وصوب من المؤكد أنها ليست عملية عشوائية ويرجى من ورائها صفقة أو مكرمة نقدية.

فمثلا حملة التشويق الكبيرة التي مارستها تركيا قبل خطاب "أردوغان" الأخير، وما روج له بأنه سيتم الكشف عن أدلة ووثائق تثبت وتوضح من هو المتورط بهذا القضية الحق يقال كانت تستحق مقابل كبير لإخفاء كل ما روج لوجوده، وبالفعل خرج الخطاب مخيب للآمال ولم يقدم جديد يذكر على القضية.

حالة التناقض في التصريحات تكررت مع زيارة النائب العام السعودي "سعود المعجب" لإسطنبول ليومين خرجت تصريحات اليوم الأول تقول بأن الاجتماعات مع المدعي العام التركي ستكون "مفيدة" وعادت لتناقضها تصريحات اليوم الثاني التي وصفت المدعي "بغير المتعاون" ووصف الزيارة بأنها «فارغة لم تقدم أي جواب!».

مصلحة التفاوض تبرر وسيلة التناقض

خروج الرئيس التركي بتصريح يوجه فيه الاتهام لما أسماه «أعلى المستويات الحكومية» ويستثني من هذا المستويات العليا الملك "سلمان بن عبد العزيز" ويغسل يدي "الأمير محمد بن سلمان" الدماء بعد أن لطخاها مستشاره قبله بأسبوع بتصريح له يقول: «إن يدي الأمير محمد ملطخة بالدماء فيما يتعلق بمقتل "خاشقجي"» في أكثر التعليقات صراحة حتى الآن من شخصية مقربة من "أردوغان" بشأن صلة الأمير بعملية القتل.

حتى قمة العشرين لم تمر دون مرور "أردوغان" على قضية خاشقجي والتذكير بها في مؤتمر صحفي عقده أردوغان، في ختام قمة مجموعة العشرين في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس بقوله: «لن يطمئن العالم لحين الكشف عن قتلة خاشقجي»، وأضاف: «من اللحظة الأولى التي علمنا فيها بالجريمة حشدنا جميع طاقاتنا من أجل الكشف عن ملابساتها».

هذا يدل أن صفقة ما لم تتم أو كمشة الأوراق المالية لم تكن كافية لمسح آثار الجريمة وتحتاج إلى المزيد من التفاوض غير المباشر عن طريق التصريحات للحصول مبلغ يكفي لاختيار نوعية صابون فاخرة لغسل أيدي السعودية من دم "مواطنها" خاشقجي، وعلى السعودية اختيار نوعية "أوراق" جيدة هذه المرة.

 

شارك المقال: