تل أبيب تعيش الصدمة... فرص الحرب تتراجع في المنطقة...وترامب بين خيارين أحلاهما مُرَّ
محمد نادر العمري
من المؤكد أن الإسرائيليين كانوا أكثر المتحمسين والمترقبين لإقدام الولايات المتحدة الأمريكية على القيام بعمل عسكري ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أثر إسقاط طهران طائرة تجسس أمريكية مسيرة فوق مضيق هرمز وهي الأكثر الطائرات تقدماً على مستوى العالم، وبخاصة بعد دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين "نتنياهو" إلى تشكيل جبهة موحدة عربية إسلامية إسرائيلية ضد إيران وهو بذات الوقت طالب مسؤولي كيانه بعد تقديم أي تصريح تصعيدي ضد إيران.
الرهان الإسرائيلي على مستشار الأمن القومي ''جون بولتون'' لدفع الإدارة الأمريكية نحو تقليم أظافر إيران وصل لحائط مسدود رغم ماكشفته مجلة "نيوزويك" عن مسؤول في البنتاغون، أن القطعات العسكرية الأميركية وضعت في حالة تأهب في المنطقة لمدة 72 ساعة،و بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أذن بالهجوم على إيران رداً على الاتهام بأن الإيرانيين أسقطوا طائرة استطلاع أميركية، ولكن العملية ألغيت في آخر لحظة وفق "زعم نيويورك تايمز".
حقيقة الأمر أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان بين خيارين أحلاهما مر وبطعم العلقم:
الأول: أن يقدم على عمل عسكري أو رد عسكري ولو كان محدود يتمثل باستهداف القاعدة العسكرية الإيرانية التي استهدف الطائرة، وهذا السلوك قد ينجم عنه ردة فعل إيرانية وفق الرد التحذيري التي أرسلته طهران لواشنطن والتي حذرت من خلاله من عواقب إقليمية ودولية (وخيمة) تتدحرج الأمور بها نحو حرب مفتوحة، وبالتالي هذا قد يعود بشكل سلبي على الحملة الانتخابية لترامب ولاسيما أنه قدم وعود في حملته السابقة بعدم شن الحروب.
الثاني: تزعزع هيبة أميركا ومكانتها على مستوى النظام الدولي، وبخاصة أن ترامب وصقور إدارته هددوا إيران مما سموه القيام بسلوكيات غير مقبولة، وقدموا وعوداً بالرد في حال إقدامها على ذلك، وإعلان ترامب عن وقف طلبه بتوجيه عمل عسكري ضد إيران يشير للمأزق الأمريكي والجدية الإيرانية بالرد وسط صمت أوروبي ودعم صيني روسي لإيران.
في الواقع أن ترامب هو في موضع لايحسد عليه، فهو الآن سجين مزاجيته والضغوط المتبادلة والمتناقضة مابين صقور إدارته الرافضين للحرب والمؤيدين لها، والأهم من ذلك جملة التقيود التي تفرضها حسابات الحملة الانتخابية، التي اطلقها منذ أيام.
لذلك فأن فرص الحرب في المنطة ومؤشراتها ستنخفض بشكل تدريجي رغم تداعيات ذلك التي برزت بشكل واضح في ارتفاع سعر النفط 6% فقط مع إعلان ترامب أن الإيرانيون ارتكبوا خطأً جسيماً بإسقاطهم الطائرة الأمريكية، واتخاذ قرارات الاستعداد وإعادة الانتشار والطوارئ، لذلك فأن الدعوة للعودة للمباحثات السياسية والتمهيد لها هي الأكثر بعد ساعات من حبس الأنفاس، وبخاصة بعدما وصلت الدول الفاعلة والمؤثرة في المنطقة وبخاصة واشنطن وحلفائها لقناعة بأنهم غير قادرين على التحكم واحتواء أي عدوان عسكري على إيران، فالمنطق السياسي يفرض واقع إعادة هذه الدول بالتفكير بالمقاربة التي فرضتها إيران التي استهدفت الصناعة العسكرية الأمريكية في صميمها بمجرد اسقاط أكثر الطائرات الأمريكية تقدماً وهذا يعني تجريد الأسلحة الأمريكية والإسرائيلية والخليجية من فاعلية قدراتها، على الجبهات المهددة بالاشتعال في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
الإيرانيون يرفضون دعوة ترامب للحوار تحت ضغط الاشتباك واستمرار فرض الحصار على الإيرانيين ضمن الحرب الناعمة التي يوظفها في فرض سياساته الخارجية، وذلك لحرمانه من أن أي إنجاز سياسي خارجي يحسن من وضعه الداخلي في العملية الانتخابية، وهم يعلنون جاهزيتهم للحرب رغم إعلان المرشد الإيراني أن واشنطن لن تقدم على أي حرب.
هذه الحالة من التوتر وارتفاع وتيرة الصراع قد تدفع بعض الدول الإقليمية وحتى بعض مؤسسات الامنية والعسكرية الأمريكية نحو افتعال المزيد من الأزمات وتعمق هوة الصراع مع إيران على غرار ماحصل في بحر عمان وقبلها في الفجيرة.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: