تجمد مشاعر بدرجة معيشة تحت الصفر
حسان يونس
ما زالت القرارات والأحداث في بلدنا تتسارع، والمسلسل المعيشي يدور ويتكرر، وما زالت الأوضاع تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.. كل يوم نسمع أخباراً ونرى أحداثاً، ولكن للأسوأ، ومصير مجهول لا يعلمه إلا الله، وهو المتوقع أصلاً عندما تغيب المحاسبة والمساءلة، ويُهمل معها القانون الحاكم.
لسنا بصدد تكرار ما يُقرر والإخبار عما يقع من كوراث وقرارات حكومية، فكلنا نسمع الأخبار ونتابع الأحداث على مواقع التواصل، ولا حاجة لإعادتها، "فالجميع ملّها وحفظها من كثرة تكرارها علينا منذ القديم"، وأصابنا الهم والغم مما يجري في واقعنا، وسئمنا من الترقيعات والحلول الحكومية التي لا تجدي نفعاً، وأصبح من واجبنا التسليم بما يقوله المسؤولون، والسير به دون استفسار أو تساؤل، والاكتفاء بتعليق فكاهي أو التندر بقصص يومية من واقع الحال، تُبكي ولا تُضحك، وتخرج من صدر امتلأ همّاً حتى اختنق بزفراته.
أليس من المعقول والواجب لأي "ربع دولة" في إدارة أزمة، أن تأتي حكومتها بقرارات وحلول دون التبرير بمسببات خارجية... أليس من المنطق أيضاً، أن تأتي الحكومة بمستشارين اقتصاديين على علم ومعرفة لتخطي أزمتها، في سبيل إيجاد حلول قادرة على تجاوز العقوبات "طبعاً إذا كانت هي السبب الأساسي".. مع الآسف كل هذا لا يحدث، لأن اللامعقول هو السائد، واللامبالاة هي الموجودة في كل شيء، والإهمال هو الشعار الدائم في كل زمن، والتهمة جاهزة لمن خالف أو عارض، وعلينا فقط أن نهز رؤوسنا لتصريحات خلبية، والتبرك بموضة حديثة هي النزول إلى الشارع.
مبدأ المحاسبة غائب عن الجميع لذلك فالخطأ مسموح ولو كان فادحاً، فلا خروج من هذا النفق المظلم إلا بمعجزات إلهية....فهل نحن أول دولة تقع عليها عقوبات اقتصادية..لماذا نهرب من الواقع ونختبئ بالمبررات والشكوى..علماً أننا نرى الرفاهية والبؤس مقسمين بحسب وزن الأشخاص وطول كراسيهم.
هل يعقل في أي دولة في العالم، ولو في "دول الموز"، أو دولة "الواق الواق"، أن تصدر قرارات دون الرجوع إلى مجلس مكنّى باسم الشعب، و تقديم جلسة مساءلة علنية بأسئلة وأجوبة لفهم ما يحدث، دون انتظار خبر فيسبوكي عن رتل صهاريج وهمي يشفي غليل المتابعين، أم فعلاً انطبق عليه لقب مجلس التصفيق والخطابات المفرغة.
هل أصبحنا فاقدين للأمل إلى هذا الحد، نرتجي الوهم على عتبات الفيسبوك، ليؤكد لنا أحدهم أن لا خبز على البطاقة الذكية...هل أصبح أقصى طموحنا تأمين الخبز بنظام..؟! كل ذلك ليس مستغرباً في زمن أصبح فيه اللامعقول هو المعقول، والجنون هو التعقل.
في بلد أصبح فيه حال الجميع متساوي المشاعر تجاه كل شي في الربح والخسارة..في الصحة والمرض ..في المال والفقر ... الخ من التناقضات التي تجمد الإحساس بها بفعل الأزمات المتلاحقة.
المصدر: خاص
شارك المقال: