سيناريوهات التصعيد القادمة !
محمد نادر العمري
الملاحظ داخل مراكز الدراسات الأمريكية بأن تنظيم "داعش" يعيد تمركزه وتموضعه في كل من سوريا والعراق، بالتزامن مع تصعيد اللهجة من قبل الإدارة الأمريكية ضد الجمهورية الإسلامية في إيران وعرقلة المساعي لإنجاح "أستانا 12" بتحقيق أي خرق في المشهد السوري وهذه العوامل قد تشكل مقدمة لتوجهات السياسة الأمريكية القادمة من خلال استبدال مشروع انسحابها بمشروع آخر يتضمن إعادة تموضعها وفق تصريح أكثر من مسؤول أمريكي في مقدمتهم "ديفيد ساترفيلد" المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأدنى، ولذك قد تتوجه إلى:
1. تحريك محتمل لميليشيات "قسد" وعناصر تنظيم "داعش" باتجاه "البوكمال" و"الميادين" و"البادية"، خاصة أن تنظيم "داعش" مازال يستهدف "الجيش السوري" في عمق البادية، وإيصال شحنات بشكل متتالٍ ومتسارع لقسد وإعادة استثمار "مخيم الركبان" في استغلال ظروف المواطنين السوريين به ودفعهم نحو التسليح والتدريب والانضمام لقوات ما يسمى "جيش المغاوير"، وذلك بهدف إغلاق المنفذ البري وتأمين الحماية لقاعدة "التنف"، وزيادة الحصار على سوريا، واتساع الرقعة الجغرافية التي تحتلها "قسد" وفرضها كأمر واقع.
2. رغم أن الإدارة الأمريكية وفق وصف البعض من المتابعين بأنها ليست "حكومة حرب" بل تستثمر قيامها بعمليات عسكرية عدوانية محدودة كما حصل سابقاً في "مطار الشعيرات"، والعدوان الثلاثي على سوريا لتحسين وضعها التفاوضي، لكنها قد تقدم على القيام ببعض الضربات العدوانية عبر صواريخ موجهة أو طائرات دون طيار ضد مواقع لحلفاء سوريا في المنطقة الشمالية والحدود السورية العراقية، أو قد تمنح الكيان الإسرائيلي الضوء الأخضر لذلك وبخاصة بعد تصنيف "الحرس الثوري الإيراني" منظمة إرهابية وقيام واشنطن بجمع معلومات استخباراتية حول انتشار القوات الحليفة على طول الحدود، وادعاء الكيان الإسرائيلي بأن جثة الجاسوس كوهين متواجدة في أحد جبال الساحل السوري، فضلاً عن قيامه بخرق الأجواء اللبنانية في الساعات الماضية قد تكون تهيئة لذلك عبر تبرير الاعتداءات ومحاولة لفت الأنظار عن الجبهات المراد استهدافها.
الإدراك الأميركي أن الآثار المترتبة على إغلاق مضيق "هرمز" لن يصب في مصالحها الجيوسياسية، عدا عن احتمال تعرض قواعدها للخطر في دول الخليج والعراق في حال إقدامها على أي تهور مباشر ضد إيران، قد يدفعها نحو عمليات ضد قوات الحرس في كل من سوريا والعراق.
الأيام القادمة وبخاصة مع إزاحة الستار على شهر أيار تبدو أنها "حبلى" بالتصعيد وهذا التصعيد قد يكون ضمن ثلاث احتمالات:
الأول تصعيد عسكري مضبوط ومحدود ضمن توظيف الوكلاء مجدداً في استهداف القوات الإيرانية وقد تكون في استهداف العمق الأمني الإيراني كما حصل سابقاً وبشكل يتناغم مع التهديدات التي أطلقها محمد بن سلمان منذ عامين بنقل المعركة للداخل الإيراني.
وقد يكون هذا السيناريو أكثر شمولية بمعنى أن يشترك الوكلاء والأصلاء في القيام بعدوانهم فهناك في إدلب ما يقارب من 100 الف مسلح أيضا قد يقدمون على استخدام الكيميائي ليكون مبرراً لعدوان خارجي جديد بالتزامن مع استهداف مواقع الجيش السوري وحلفائه في أكثر من جبهة ومنطقة.
الثاني التوجه نحو فرض المزيد من العقوبات على إيران وكافة الدول والكيانات العسكرية والاقتصادية والسياسية التي تنتهك الأوامر الأمريكية في التعامل مع الحرس الثوري الإيراني أو التي تشتري النفط منها.
الثالث التصعيد الشامل وفي هذا السيناريو الذي تبدو مؤشراته حتى اللحظة أقل ولكنه وارد الحدوث، قد نشهد قدرة على التوجه إليه ولكن حجم آثاره التدميرية وإدارته ونهايته لن تكون بيد أحد وستكون دول الخليج والكيان الإسرائيلي أكثر المتضررين منه، فالدول الخليجية جيوشها لا تتمتع بأي خبرات قتالية ولم تخض حروبا تذكر سوى غرقها في مستنقع الاعتداء على اليمن منذ أكثر من 4 سنوات، والكيان الإسرائيلي جبهته الداخلية لن تتحمل سقوط آلاف الصواريخ يومياً فضلاً عن آلاف الاستشهاديين الذين سينضمون للمقاومة كما كشف الأمين العام لحزب الله سابقا.
وهذا السلوك الأمريكي سيشكل دافعاً للتخلص السوري الإيراني من المطالب الروسية بالصبر واعتماد الحلول السياسية في التعامل مع منطقتي إدلب وشرق الفرات.
إذاً هذه ربما تكون الخيارات المتاحة في المرحلة القادمة... ولكن أليس تعيين اللواء "حسين سلامي" قائداً للحرس الثوري وهو صاحب مقولة محو إسرائيل من الوجود جزءاً من الاستعداد للأسوأ؟ .
أليست زيارة الرئيس الأسد لطهران وانعقاد المؤتمر العسكري الثلاثي بدمشق وتهديد حركات المقاومة العراقية بمحو الكيان الإسرائيلي جميعها توظيفات رادعة لأي سلوك عدواني....؟.
أليست روسيا بوتين حتى اللحظة هي المستفيدة من تراكم أخطاء السياسات الأمريكية الخارجية في زيادة نفوذها وتأثيرها بأوروبا وأمريكا الجنوبية والشرق الأوسط وآخرها في القضية الكورية الشمالية؟
ضبابية المشهد وتعدد احتمالاته قائمة في شهر أيار الذي من المحتمل أنه سيكون مفصلياً، نحو حروب مباشرة وواسعة أو مضبوطة أو كتحسين المواقف التفاوضية انطلاقاً من أن الحرب والتهديد امتداد للسياسة ولكن بوسائل أخرى.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: