Friday May 17, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

سياسة التجويع سلاح يطبق على سوريا فهل سننجو ?

سياسة التجويع سلاح يطبق على سوريا فهل سننجو ?

ماذا تعرف عن مجاعات العالم وهل أصبحت سوريا من بين إحدى الدول التي تعاني من المجاعات بعد ارتفاع الدولار، حتى وصل إلى 1000، بالتزامن مع الحصار الاقتصادي وسياسة شبيهة بسياسة التجويع البريطانية تطبق على سوريا حالياً، فهل يمكننا القول أن سوريا تعاني من مجاعة؟.

تعتبر المجاعات من أخطر هذه الكوارث وأشدّها، التي حصدت، وما تزال، حياة الملايين من البشر قديماً وحديثاً، ولم تتوقف أسباب المجاعات عند العوامل الطبيعية، كالجفاف، والفيضانات، وإنما لعب العامل البشري (السياسي بالأساس) دور المسبب الرئيس، كالحروب، أو سياسات الاستبداد، والحصار الاقتصادي. 

فبدءً من سوريا التي تعاني من حصار اقصادي يعد الأقسى في وقتنا الحالي، من ارتفاع الدولار، يقابله ارتفاع المواد الرئيسية الاستهلاكية، مع العلم أن سوريا تعرف، بمدينتها الصناعية حلب، والتي تعتمد فيها على الانتاج والتصدير المحلي، إلا أن الحرب أوقفت هذه المدينة عن العمل، فضلاً عن تحكم التجار في الأسواق داخلياً أي مقارنةً بباقي الدول التي عانت من الحروب الاقتصادية، وأدت إلى حدوث المجاعات فإن سوريا، تعاني من حربٍ داخلية وخارجية. 

ولنبدأ بالتعريف عن المجاعات العالمية وهل ينطبق أي منها على سوريا؟ 

سياسات بريطانيا التجويعية، حيث ترجع أولى المجاعات الكبرى في العصر الحديث إلى منتصف القرن التاسع عشر، حين أصابت آفة محاصيل البطاطا في إيرلندا، وهي السلعة الأساسية التي كان يعتمد عليها آنذاك حوالي ثلث الشعب الإيرلندي كمصدر رزق رئيسي، عُرفت هذه المجاعة باسم "مجاعة البطاطا"، واستمرت في الفترة (1845 – 1847)، فكان للسلطات البريطانية دور أساسي في استمرار المجاعة وتفاقمها؛ حيث منع الأسطول البريطاني وصول المساعدات الخارجية إلى الأراضي الإيرلندية، وقد أدت المجاعة إلى مقتل حوالي 1.5 مليون إيرلندي، إضافة إلى هجرة حوالي مليوني شخص إلى أمريكا الشمالية، وهو ما تسبب بانخفاض عدد سكان الجزيرة الإيرلندية بنسبة 25% خلال أقل من ثلاثة أعوام.

وانتقالاً إلى مجاعات الاتحاد السوفيتي، مع مع نهاية الحرب العالمية الأولى، جاءت أولى المجاعات الكبرى في القرن العشرين، التي وقعت في روسيا عامي 1921 - 1922، وذلك في أعقاب اندلاع الحرب الاهلية الروسية (1918 – 1921)، التي جاءت بعد انتهاء ثورة 1917، حيث كانت القوات البلشفية تعمد إلى مهاجمة الفلاحين ونهب المحاصيل لتوفير حاجاتها من الغذاء، وهو ما أدى إلى سقوط من 5 – 6 ملايين ضحية، وذلك بعد أن كانت روسيا قد فقدت حوالي 20 مليوناً خلال الحرب العالمية الأولى.

أما ثاني المجاعات الكبرى فقد وقعت في القرن العشرين، وذلك في الأعوام (1932 – 1933)، وهي المجاعة التي اشتهرت باسم "الهولودومور" (وتعني: وباء الجوع، بالأوكرانية)، وتتراوح تقديرات الضحايا ما بين 3 إلى 12 مليوناً، وكان السبب الرئيس وراءها سياسياً؛ حيث حوصرت أوكرانيا خلال سنوات المجاعة من قبل السُلُطات السوفيتية، وذلك بهدف قمع الحركة القومية الأوكرانية التي كانت تسعى للانفصال عن الاتحاد السوفيتي آنذاك، وكانت أوكرانيا قبل المجاعة بلداً زراعياً توصف بأنها سلة خبز أوروبا، واليوم تصر الحكومة والبرلمان الأوكرانيان على اعتبار هذه المجاعة بمثابة إبادة جماعية متعمدة.

"مجاعات الحرب العالمية الثانية" التي حملت مجاعات قاسية، وكان في مقدمتها مجاعة البنغال العام 1943، التي راح ضحيتها حوالي 7 ملايين بنغالي، وجاءت قبل نهاية الحكم البريطاني بـ4 أعوام، كان السبب وراء المجاعة هو سيطرة الإمبراطورية اليابانية واحتلالها المناطق التي كانت تعرف آنذاك باسم "الهند الشرقية الهولندية"، ومن ضمنها الأراضي البورمية المجاورة للبنغال، التي كانت بنغلادش تعتمد عليها في توفير أغلب مواردها من الطعام، ولكن اليابان قامت بتعليق التجارة والتصدير من بورما، ما أدى إلى تدهور في مخزون الغذاء البنغالي، وتفاقمت الأمور في العام 1943 بعدما ضرب إعصار البلاد، وتبعته فيضانات مدمّرة قضت على المحاصيل الزراعية، كما أدى تراجع اليابان والشعور بقرب هزيمتها في الحرب إلى لجوء ملايين الفارين من بورما نحو بنغلادش، وهو ما فاقم من شدة المجاعة، وضاعف من أعداد ضحاياها.

مجاعة الصين الكبرى، حيث جاءت المجاعة الكبرى التالية في الصين، في الفترة (1959 – 1961)، التي تتراوح تقديرات عدد ضحاياها من 20 إلى 30 مليون إنسان، لتكون بذلك أكبر المجاعات من حيث أعداد الضحايا.

كانت المجاعة قد بدأت بعد فيضانات واسعة في العام 1959، تبعتها موجة جفاف واسعة العام 1960، ولكن السبب الأساس في وقوع المجاعة كانت السياسات المفروضة من قبل الحزب الشيوعي الحاكم، الذي كان قد وضع خطة اقتصادية عرفت باسم "القفزة الكبرى إلى الأمام"، التي هدفت إلى تحويل البلاد من دولة زراعية إلى دولة صناعية؛ حيث اجتُثّ الفلاحون من أراضيهم الزراعية وأُرسِلوا إلى المصانع، لتوجه بذلك كامل الجهود إلى القطاعات الإنتاجية الصناعية (وبالأخصّ الحديد والصلب) دون الزراعية الغذائية.

وانتقالاً إلى مجاعة كوريا الشمالية التي وقعت في الفترة (1994 – 1998)، وقُدّر عدد ضحاياها بـ 2.5 – 3 مليون ضحية، وكان المسبب وراء المجاعة موجة من الفيضانات والأمطار الغزيرة التي أتلفت المحاصيل الزراعية، ولكن، وبسبب سياسة الانعزال التي تتبناها الجمهورية، لم تصل أيّة مساعدات إغاثية من الخارج إلى الشعب الكوري الشمالي المنكوب، وما فاقم من المجاعة وضاعف في عدد الضحايا اتباع الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ الثاني"، سياسة "الجيش أولاً"، التي منعت الحصص الغذائية عن الشعب من أجل توفيرها للجيش.

وبالرغم من كل الوفرة الغذائية اليوم، والتطورات الكبيرة في قطاع انتاج الغذاء عبر العالم، إلا أنه لا يزال حوالي 800 مليون يعانون من نقص الغذاء، وما يزال سلاح التجويع معتمداً في العديد من الصراعات حول العالم.

ولكن أغلب هذه الدول نجت من المجاعات في وقتنا الحالي فهل ستنجو سوريا بسياسة حكومتها من أزمتها الاقتصادية، أم ستدخل مجاعة تؤدي إلى وفات أعداد مضاعفة عن الذي قضوا في حرب الــ 9 سنوات؟.

 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: