سوريا _ وضع معيشي لا يطاق!
حبيب شحادة
رُغم البرد الشديد وانقطاع وسائل التدفئة بكافة أنواعها، ونزلات البرد والربو، إلا أنّ الشارع السوري مازال يحتقن ويغلي لتوفير احتياجاته هذا الشتاء. ورغم أنّ الّله قسّم السنة إلى أربعة فصول، إلا أنّ الحكومة السورية ما زالت تُرجع كل ما يحدث إلى الطبيعة، وكأنّ لا عِلم لها بِقدوم فصل الشتاء.
حيثُ أنّه في كل عام ومع بداية الشتاء تبدأ الحكومة بالتملص من مسؤولياتها وكأن شأن المواطن السوري الذي يعيش تحت سلطتها لا يعنيها لا من بعيد ولا من قريب، فهي حكومة الانتصارات كما تدعي، لكن انتصار على من؟ ولأجل من؟ وما يزيد الطين بلة التصريحات الغبية من قبل أن الكهرباء ليست للتدفئة، والغاز للطبخ فقط!.
والأفظع من ذلك أنّ حكومة هذا المواطن "المعتّر"، ما زالت تُمن عليه بسياسة الدعم وتكلفتها على خزينة الدولة، حيث صرح وزير النفط "علي غانم" بأنّ حجم الدعم الحكومي للمُشتقات النفطية 1.2مليار ليرة سورية ليتبعه وزير التجارة "عاطف النداف" بتصريح آخر عن دعم الخبر يقول فيه بأنّ ربطة الخبز تكلف 278 ليرة سورية، وحجم الدعم للخبز يومياً يُكلف مليار ومئة مليون ليرة سورية." ولكَ عزيزي المواطن أن تتخيل هذا الرقم الخنفشاري!
أبو محمد مواطن مُهجر من داريا ويسكن في جديدة عرطوز قال: "إنّ الوضع المعيشي أصبح لا يُطاق حتى مع توفر مادتي الغاز والمازوت، فكيف بدونهما؟" وهو الأب لثلاثة أطفال ويقطن في شقة صغيرة بالآجار، ولم يتمكن منذ أسبوعين من تعبئة جرة الغاز الوحيدة والفارغة، إضافة إلى أنّه غير قادر على شراء مازوت التدفئة في ظل انقطاع شبه كامل للتيار الكهربائي عن منطقته، ما جعله مع أطفاله في حالة من البؤس والقهر نتيجة الفقر والبرد. وتابع القول بأن ابنه ذو العشر سنوات يسأله يومياً "بابا ليش ما عنا لا غاز ولا مازوت، يعني معقول نضل بردانين.. ما منمرض؟؟ ".
وحالة أبو محمد لم تكن أحسن حالأ من جيرانه الذين تتشابه معاناتهم معه في كل شيء، حيث قالت لنا إحدى السيدات "إن أولادها الخمسة يعانون من البرد يومياً، كنتيجة لفقدان الغاز المنزلي وانقطاع الكهرباء المتكرر باستمرار.
حتى أن هذه الأزمة لم تكن بعيدة عن الاستغلال والاحتكار، فجميعنا نرى يومياً التجمعات الكبيرة للرجال والنساء تنتظر تحقيق الوعود بوصول سيارات الغاز، وعندما تأتي يكون الخذلان أكبر من ساعات الانتظار الطويلة في العراء والبرد القارس، فما يحصل أنّ لجان الأحياء والمختار والمتنفذين يسيطرون على الغاز ويوزعونه وفقاً للمحسوبيات متناسين الطوابير الطويلة ما يحرم أهل المنطقة والمنتظرين لساعات طويلة من حقهم بالحصول على جرة الغاز التي لا تستطيع وصف وجه الشخص الحاصل عليها وهو مُحمرٌ من الفرح وكأنه حصل على جائزة.
وفي بلد أصبح الاستغلال فيه سيد الموقف وأسلوب حياة لبعضهم في ظل غياب المحاسبة، فإن أزمة الموارد تعدت مشكلة توفر المادة إلى مشكلة أخلاقية حيث يقوم البعض بالتسويق عبر مواقع التواصل على السوشال ميديا لمادتي الغاز والمازوت في غروبات مخصصة للبيع والتسويق، ولكن بأسعار غالية جداً تصل لحدود 11 ألف ليرة سورية. والأفظع من كل ذلك أن يقوم البعض باستغلال مشاعر الناس وحاجاتهم من خلال وضع إعلانات وهمية لتوفر المادة لدى أحدهم وبسعر 3500 ليرة سورية. تاركاً رقماً للاتصال به، ولكن عند الاتصال يكون الرقم غير موضوع بالخدمة أو أنه لشخص لا علاقة له بالموضوع، بمعنى أن الأزمة التي تمر بها البلاد جعلت البعض من الناس يقوم بالاستثمار حتى بعواطف الناس وحاجاتهم، والنتيجة هنا صفر فهو لا يربح شيئاً سوى التسلية!.
ومن يتابع حال السوريين اليوم يرى بعينه مدى التعثر الحكومي في تأمين مستلزماتهم بالحد الأدنى ناهيك عن تصريحات وزرائهم المتُخبطة والمُفتقدة لأدنى درجات المصداقية ووعودهم اليومية بتأمين الموارد والمتطلبات، وطبعاً لاشيء يحدث من ذلك، فلا وعود تتحقق، ولا مواطن يرتاح، وكأن الشعب يعيش في وادٍ والحكومة في وادٍ آخر. لك الله عزيزي المواطن.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: