سوريا تواجه الأصيل بعد هزيمة الوكيل
«الغارات الإسرائيلية على الأهداف الإيرانية في سوريا سوف تتواصل من منطلق الدفاع على النفس»
الاقتباس الأخير لـ "أوفير جندلمان" المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي من حديث أدلى به مؤخراً لقناة "فرانس24"، وبينما تقول المعلومات إن الغارات الإسرائيلية الأخيرة استهدفت مواقع سورية خالصة، مثل مطار دمشق الدولي، ومساكن عائلات العسكريين السوريين في مدينة القطيفة، ومطار الثعلة في ريف السويداء، رد المتحدث الإسرائيلي على سؤالٍ للقناة الفرنسية: «لماذا لا تضربون إيران مباشرةً، بينما تقصفون مواقع ليست مؤكدة لها في سوريا؟ وتنتهكون بالنهاية سيادة بلدين، سواء لبنان أو سوريا؟»، فقال متهرباً من الإجابة المباشرة: «أريد أن أتساءل لماذا يوجد جيش إيراني على مسافة 1500 كم من الحدود الإيرانية، لماذا هناك تواجد عسكري إيراني في العراق ولبنان وسوريا وغيرها».
ويستطيع المتابع للتصريحات الإسرائيلية حول عمليات سلاح الجو الصهيوني في سوريا، أن يستنتج توجهاً إسرائيلياً مقصوداً لتجاهل الدولة السورية وجيشها، في مقابل محاولة تصوير العمل العسكري الإسرائيلي على أنه رد فعل على وجود كلٍ من إيران وحزب الله في سوريا، فحتى التهديدات التي يتوجه بها المسؤولون الإسرائيليون للرئيس السوري يتقصدون أن يدور مضمونها حول الوجود الإيراني أو وجود حزب الله في سوريا، حيث يبدو أن هناك خطة إعلامية إسرائيلية، تتكامل مع ما تقوم به وسائل الإعلام الخليجية من حملات إعلامية تحاول التقليل من قوة الجيش السوري، أو التشكيك في نية القيادة السورية خوض مواجهة عسكرية مع إسرائيل.
لكن وعلى العكس مما توحي به التصريحات الإسرائيلية، يظهر سجل المواجهات بين الطائرات الإسرائيلية والصواريخ المضادة التي طاردتها في سماء كل من سوريا ولبنان وفلسطين، أن الدفاع الجوي السوري كان هو الجهة الوحيدة التي تصدت لغارات سلاح الجو الإسرائيلي، حيث اعترفت إسرائيل في شباط 2018 بأن صاروخ إس-200 سوري محدث تمكن من إسقاط أحد طائراتها الحديثة من نوع إف- 16، فوق فلسطين المحتلة، كما اعترف رئيس الأركان الإسرائيلي المنتهية ولايته "غادي آيزنكوت" في حديث نشرته جريدة "النيويورك تايمز" الأمريكية أن طائراته واجهت خلال العلميات التي حاولت تنفيذها في سوريا، حوالي 400 صاروخ دفاع جوي أطلقها الجيش السوري، وبالنتيجة تشير المعلومات المتواترة إلى أن الدفاعات الجوية السورية نجحت في إجبار سلاح الجو الإسرائيلي على الابتعاد عن محاولة اختراق الأجواء السورية، وعلى تنفيذ غاراته من المجال الجوي اللبناني أو من فوق البحر، مما أضعف من النتائج التدميرية لتلك الغارات، «تستخدم الطائرات الإسرائيلية في غاراتها من خارج الأجواء السورية صواريخ جوالة يبلغ رأسها المتفجر نحو 200 كيلوغرام، وهي صالحة لتنفيذ اغتيالات ضد شخصيات هامة، أو التمهيد لهجوم جوي، لكنها لا تكفي وحدها لتغيير موازين القوى العسكرية على الأرض».
وباستثناء الغارة الإسرائيلية على مطار التيفور في نيسان 2018 والتي ارتقى بعدها أربعة خبراء عسكريين إيرانيين بينهم عقيد، كان العسكريون السوريون هم الوحيديون الذين استشهدوا في الهجمات الإسرائيلية، كما أن سلسلة الهجمات الجوية هذه على سوريا، تعود إلى العام 2013 وهي سابقةٌ على أي حديثٍ عن وجود عسكري إيراني، حيث بدأت هذه الغارات إثر قيام الجماعات المسلحة التي كانت تقاتل الجيش السوري باقتحام عدد من ثكنات الدفاع الجوي السوري وتدميرها، مما ألحق ضعفاً كبيراً في بنية الدفاع الجوي السوري، كما كانت مراكز البحوث العلمية السورية في جمرايا وبرزة ومصياف أبرز الأهداف التي طالتها الصواريخ الإسرائيلية، وهي أهدافٌ لا علاقة لها بطبيعة الحال بحزب الله أو الحرس الثوري الإيراني.
لذلك نستطيع أن نستنتج وجود علاقة طردية بين التصعيد الجوي الإسرائيلي ضد مواقع الجيش السوري، وبين انحسار خطر الجماعات المسلحة التي كانت تقاتل ذلك الجيش على كامل مساحة سوريا، تلك الجماعات التي اعترف رئيس الأركان الإسرائيلي السابق في حديثه الأخير لـ"النيويورك تايمز"، بأنها تلقت دعماً تسليحياً إسرائيلياً، إضافة لما كان معروفاً مسبقاً من تلقيها لدعمٍ لوجستي إسرائيلي، عبر علاح جرحاها في المشافي الصهيونية، وتغطيتها نارياً من قبل إسرائيل خلال المعارك التي خاضتها في الجنوب السوري، إذ بات واضحاً أن الأصيل الإسرائيلي صار مضطراً للحضور مباشرةً في مواجهة الدولة السورية في مرحلة ما بعد هزيمة الوكيل الإرهابي، في حين تشير المعلومات إلى أن رد فعل الجيش السوري لن يقتصر خلال المرحلة المقبلة على الدفاع السلبي بل سينتقل إلى الهجوم المضاد، عبر الرد باستهداف أهدف عسكرية إسرائيلية في العمق الصهيوني، ولعل بشائر هذه المرحلة بدت فيما تناقتله تقارير إسرائيلية عن صاروخ أرض-أرض سوري برأس متفجر 500 كغ استهدف موقعاً في الجولان إثر الغارة الإسرائيلية نهار الأحد الماضي.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: