سوريا.. 9 سنوات من كل شيء!
كان الفيديو الذي ظهر في منتصف آذار 2011 على قنوات تلفزيونية عربية، لمتظاهرين في درعا البلد مع سيارة إطفاء تحاول تفريقهم، بداية مرحلة جديدة غير مسبوقة في سوريا، أسست لرعب احتل نفوس الكثير من السوريين منذ اللحظة الأولى.
التزم الناس البيوت، متسمرين أمام الشاشات، يبحثون عن خبر يقول إن الكارثة لن تقع، حتى أنهم كانوا يوهمون أنفسهم بعبارة «خلصت» أطلقها بعض المحللين السياسيين، مع كل خبر إيجابي عابر في زحام الأخبار السيئة.
كان مجرد خروج مظاهرات يوم الجمعة يشكّل حالة رعب، تطوّرت الأحداث بسرعة وبدأ الحديث عن ضحايا.. سالت الدماء، بغض النظر عمّن يموت، ولأي طرف كان، فسقوط قتلى خلال الأحداث يعني أن الأمور خرجت عن السيطرة، وسوريا إلى المجهول.
تطوّر دراماتيكي.. قطع طرقات وخطف، مشاهد لأبشع أنواع القتل، شكلت سابقة خطيرة في مجريات الأحداث، ذبح وتنكيل بالجثث، وشعارات متطرفة تنذر بالويل والثبور.. أصبح كل متوقع وغير متوقع آتٍ!.
لم يطل الأمر كثيراً، تحولت المجموعات الصغيرة التي تحمل السلاح إلى تنظيمات مسلحة بأعداد كبيرة، تسيطر على القرى والمدن، وتقطّع أوصال المحافظات.. «الصدمة والرعب» عبر بث مشاهد لإعدامات ميدانية جماعية ودهس وحرق ورمي من شواهق الأبنية بحق المخالفين!.
لاحقاً، أصبحت أهم المدن السورية، دمشق، حمص، وحلب، عرضة للقذائف الصاروخية العشوائية، وتحصد يومياً عشرات الأرواح، حملات عسكرية على المدن، وتهديدات بعمل عسكري خارجي.. لحظات حبست الأنفاس، وهواجس كثيرة، خوف ورعب، بثته المقاطع المصورة لهذه الحملات وهي تظهر بأعداد هائلة على أطراف المدن.
رغم كل ذلك، كانت الحياة تبدو شبه طبيعية في قلب المدن الرئيسية، الناس تتجول وتعمل وترسل أولادها إلى المدارس والجامعات، وأصبح كل خوف جديد يُسقط ماقبله، ليصبح هو الآخر اعتيادياً مع خطر جديد يليه.. كل ذلك لم يوقف عمل المؤسسات أو الحركة التجارية والنقل العام، أو يفرض حظر تجول ولو جزئي في هذه المدن.
اليوم، وبعد أن تنفس كثير من السوريين الصعداء، وأصبحت جبهات الحرب معدودة ومحدودة بمناطق معينة، وتوشك على النهاية، انتشر وباء «كورونا» في دول العالم، ووصل إلى سوريا، ليعلن النفير من جديد، ويفعل ماعجزت الحرب عن فعله.
اعتياد الناس في هذا البلد على المآسي، لهول الأحداث وكثرتها، جعل من كل واقعة جديدة عرضة لتندّرهم وسخريتهم مما يحدث.. يردد كثيرون: بقي شيء واحد لم نواجهه في هذا العالم، هل نرى «الزومبي» قريباً ؟!.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: