Monday May 20, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

«صراع العرش» يوجب إنهاء الحرب !

«صراع العرش» يوجب إنهاء الحرب !

محمود عبد اللطيف

ثمة كتاب يعرف باسم "مذكرات السير همفر"، وبحسب الكتاب فإن "همفر"، هو أحد عشر جواسيس بريطانيين أرسلوا من قبل وزارة المستعمرات البريطانية فيما بعد العام ١٧٠٠م، بهدف البحث عما يضعف الجولة العثمانية، وبرغم تشكيك الباحثين في مصداقية هذه المذكرات الصادرة لأول مرة في العام ١٨٨٨ م، بزعم إنها من تأليف "أيوب صبري باشا"، وهو ضابط في الجيش العثماني، إلا أن مسألة جوهرية ذكرت على لسان "همفر"، كانت حقيقية وبقيت ليومنا هذا، وهي مسألة تقاسم السلطات في مملكة آل سعود.

إذ أن الكتاب يقول أن بريطانيا وجدت في "محمد بن عبد الوهاب"، ضالتها لتفكيك البنية المجتمعية العربية من منطلق ديني، وبعد اتفاق "بن سعود"، و"محمد بن عبد الوهاب"، على تأسيس الدولة بشرط ان تكون السلطة الدينية له وإرث لسلالته، تصاهر الرجلان وفقا لعادات القبائل العربية منذ ما قبل الإسلام، وبعد جولات من الزمن تمكن" عبد العزيز بن سعود"، من تأسيس المملكة بشكلها الحالي، وبقيت السلطة الدينية متوارثة لـ"آل الشيخ"، وهك سلالة "بن عبد الوهاب"، ولا يعد إعطاء منصب "المفتي"، في السعودية لواحد من "آل الشيخ"، ضربا من ضروب الوفاء، بقدر ما هو خشية من انقلاب هذه الأسرة على حكم" آل سعود"، الذي نشأ بأسباب دينية، فإن انقلب هؤلاء واصدروا فتوى ضد" آل سعود"، ستنهار المملكة لكون غالبية سكانها هم من المصدقين بقدسية "بن عبد الوهاب"، وذريته أكثر من إيمانه بعصمة آل بيت الرسول، وللمفارقة فإن عقائدهم تقول أن النبي "محمد"، تحول بعد وفاته لجثة لا تضر ولا تنفع، ولا يجوز الاحتفال بمولده، في حين انهم يحتفلون بمولد" بن عبد الوهاب".

بعد التأسيس دانت الجزيرة العربية لآل سعود، بما في ذلك الإمارات الأخرى التي تجكم من قبل أسر كـ "آل الصباح"، في الكويت وغيرهم في البحرين والإمارات وعمان، إلا اليمن، بقي خارج حسابات الخضوع القبائلي، والسياسي لحكام "الدرعية"، التي صار  اسمها لاحقا ً"الرياض"، وظن "آل سعود"، أن كثرة عديد جيشهم على حساب عديد جيوش من خضعوا لهم كافية لتزيد القوة السعودية، خاصة وإنهم يملكون دعماً خارجياً أكبر من أي دعم مقدم لإمارة اخرى، وحين بروز قطر كدولة محورية في الخليج، وتمكنها من تطوير ماكينة اعلامية واقتصادية تستقطب الدول الكبرى، ذهب" آل سعود"، بقيادة "محمد بن سلمان"، نحو قصقصة اجنحة الدوحة في عهد حاكم ضعيف كـ "تميم"، يوصف خليجيا باسم "بن موزة".

وذهب "بن سلمان"، نحو محاولة شق الصف في "آل الشيخ"، الذين يقاسمونه السلطة وفقا لإرث المملكة، وذلك من خلال خلق نزاع بين الأصوليين الذين يقودهم المفتي "عبد العزيز آل الشيخ"، وتيار يحاول أخذ المملكة نحو "الغصرية والتحرر"، وعين لقيادته "ترمي بن عبد المخسن آل الشيخ"، وهذا ما قد يضعف موقف سلالة محمد بن عبد الوهاب امام اتباع طريقتهم الدينية داخل المملكة، وقد يكون مخططا من اعوان "بن سلمان"، لتخليصه من تركة ثقيلة تنقص من سلطاته حين تسلمه المملكة بشكل رسمي. 

إن خضوع ممالك الخليج لآل سعود، لم يوازيه خضوع مطلق من اليمنيين قبل عهد "عبد ربه منصور هادي"، وإن كان للسعوديين نفوذ جزئي على بغض القبائل والشخصيات اليمنية، فإن ذلك لم يعني يوما أن اليمن كان ارضا ترحب بالحكام السعوديين، والحروب السعودية مع "الحوثيين" تحديدا، شاهد كبير، وبالمناسبة فإن الحوثيين هم أحفاد "زيد بن علي"، الذي تقول كتب التاريخ أن قاد ومن بعده ذريته مقاومة ضد الاحتلال العثماني أخرت سيطرتهم على الجزيرة العربية ومضائق جنوب البحر الأحمر.

بالعودة للحاضر، فإن ما قام به الجيش اليمني من عمل عسكري دقيق ومنظم، سيهز الكيان السعودي داخلياً، وسيكون "محمد بن سلمان"، تحت ضغط أمراء آل سعود، وضغط شعبي تقوده على الأقل ١٧٠٠ عائلة أسر ابناءها على يد الجيش اليمني، مجبراً على أن يعيد حساباته في الحرب، ربما سيكون مصير هؤلاء سببا في إنهاء أزمة اليمن وحربها، وسيكون على" آل سعود"، إعادة النظر في بنية دولتهم ككل، فهذه العملية من أسرع واهم العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة في السنوات العشر الماضية، ولم يقع مثل هذا العدد من الأسرى في معركة إلا في "قاعدة سبيكر"، العراقية، التي تسببت الخيانة بدخول داعش إليها ليعدم ١٥٠٠ شخص تقريباً، لكن اليمنيين أذكى وأرحم من ان يقلدوا "داعش"، حتى وإن كان الثأر وارواح الشهداء اليمنيين تطلب ذلك، وما سيحدث تالياً هو ترجمة فعلية لجملة تقول: "بن سلمان ملزم بالانعطاف وإعلان إنهاء الحرب"، خاصة مع تصاعد صراعاته الباردة داخليا، واستماتته لتمهيد طريقه نحو عرش يمسك بسلطات المملكة قاطبة.

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: