Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

«صحافة الصفراء» أم «سلطة رابعة» !

«صحافة الصفراء» أم «سلطة رابعة» !

لا يوجد مبرر لممارسة أي صحفي لما يسمى بـ "الصحافة الصفراء"، التي تعتمد على نشر الفضائح وترويج الشائعات إلا لتصفية الحسابات الشخصية، أو محاولة الصيد في "الماء العكرة" وتحقيق شعبية على أساس "الجمهور عاوز كده"، ولا تقتصر ممارسة "الصحافة الصفراء" على فضائح الفنانين أو الشخصيات العامة، بل تذهب نحو فبركة ملفات فساد لمؤسسة ما تحقق غايات نفعية لصاحب المؤسسة الإعلامية الناشرة أو جهات ترتبط فيه، وهذا ليس من باب التنظير في أخلاقيات المهنة التي لفتت أنظار السوريين خلال فترة الحرب، بل من باب البحث في الأسباب التي تدفع أحد أصحاب المؤسسات الإعلامية الزميلة إلى نشر ملفات أقل ما توصف بـ "الكيدية"، وكأن محاربة الفساد تقتصر على خصوم محددين أو ملفات تتحول لاحقا إلى منفعة.

في أحد المواقع الزميلة تنشر مادة صحفية موسعة و"مرحرحة"، عن وجود فساد في أروقة أحد الفنادق بالاعتماد على قاعدة "قيل عن قال"، والطريف أن كاتب المادة يعترف أنه لم يتمكن من الحصول على وثائق تؤكد مادته، إلا أنه يطرح تساؤلات من قبيل مقارنة أرباح الفندق المستهدف بالمادة مع فندق آخر يحتوي عدد أسرة أقل، وبالسؤال البسيط عن هذا الفارق من قبل أي صحفي، سيأتيه الجواب التالي : "هناك طابق دخل الخدمة قبل ثلاث أشهر، وطابقين خارج الخدمة لتنفيذ صيانة في الغرف الفندق التي مازالت على حالها منذ إنشاءه، ومن بين أعمال الصيانة على سبيل المثال إحداث ما يسمى بـ "السويت"، ضمن الفندق الذي كان يعتمد نظام الغرف المفردة أو المزدوجة"، لكن الأمر سيكون مفاجئ جداً أن تعرف أن الوسيلة الإعلامية التي نشرت المادة كانت تتخذ مقراً لها داخل أحد المكاتب التي أجرها ذلك الفندق في مرحلة ما من عمر الحرب بما يقارب 100 ألف ليرة شهرياً، وحين عدم تجديد التعاقد اضطرت هذه الوسيلة لاستئجار مكتب لها في مكان آخر بسعر ضخم نسبيا، والغريب أن هذه الوسيلة مستمرة بالعمل على الرغم من عدم وجود قسم تسويق في أقسامها يعنى بالتعاقد مع جهات القطاع الخاص والعام فيما يخص نشر الإعلانات التي هي أساس تمويل وربح أي وسيلة إعلامية في سوريا وخارجها، والسؤال هنا، وإن سألت كيف يتم تمويل هذه الوسيلة الإعلامية لقيل لك من الاستثمارات الخاصة بصاحبها، وهنا نحن أمام احتمالين، إما أن صاحب هذه الوسيلة ذو هم صحفي ويريد محاربة الفساد بشكل فعلي، أو إن وسيلته الإعلامية قائمة على توجيه الضربات الموجعة للخصوم في السوق، وللأمانة لا نمتلك إجابة حول هذا السؤال ولا حق اختيار ما يتوافق مع هوانا.

إن العمل في حقل "الصحافة الصفراء"، يزيد فعلياً من عدد متابعي أي وسيلة إعلامية، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعتبر الشائعات أكثر بضائعها ترويجاً، وعلى هذا الأساس قد يكون من المنطقي أن تجد صاحب وسيلة إعلامية يريد أن يحقق الحضور على حساب المصداقية في العمل، ولا داعي لنشر مواد موثقة ما دامت لا تستند إلا إلى تسجيلات صوتية أو وشايات من أشخاص يريدون الإساءة لـ "سين"، أو "عين"، مع الإشارة هنا إلى أن البلاد تعاني من غرق بعض المسؤولين بملفات الفساد من أخمص قدميهم وحتى أعلى قمة الرأس، كما إن بعض المؤسسات في سوريا تعاني من انتشار الفساد كما ينتشر السرطان في جسد إنسان عجز الأطباء عن تقديم العلاج له، ولا ندافع في معرض مقالنا هذا عن فندق ما أو شخص ما، ولم نأتي على ذكر الفندق إلا من باب المثال لا أكثر، وقد يكون في المادة التي طرحناها كمثال الكثير من الكلام المنطقي والموثق بشيء ما، إلا أننا طرحنا جزئية تمكنا من الحصول على إجابة موثقة لها.

"الصحافة الصفراء"، بضاعة سريعة الانتشار في سوق الإعلام، وبالتالي يتطلب الأمر الكثير من الصرامة في بناء قانون يمنع ممارسة هذا النوع من العمل الإعلامي لما يحمله من منعكسات سلبية في المجتمع، على ألا يكون هذا القانون سبيلاً لاعتبار أي مادة منشورة عن ملف فساد في مؤسسة ما ضمن "الصحافة الصفراء"، فما هو موثق ومبني على وقائع يسمى "تحقيقا صحفياً"، تمارس من خلاله الصحافة دورها الرقابي على مؤسسات الدولة العامة، وعلى مؤسسات القطاع الخاص، لتكون "سلطة رابعة"، وثمة فرق شاسع بين أن يكون الصحفي جزءاً من العمل الرقابي، ولاعبا أساسياً في العمل "الفضائحي"، ومن المعيب أن توضع أخلاق المهنة جانباً لتحقيق مآرب شخصية أو غايات جهات ممولة لهذه الوسيلة أو تلك.

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: