Friday November 22, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

صفحة "الأسهم السورية" شيطان الاقتصاد السوري

صفحة "الأسهم السورية" شيطان الاقتصاد السوري

مع بداية الأحداث في سوريا عام 2011 بقي سعر الصرف ضمن حدود معقولة جداً حتى منتصف عام 2012 حيث وصل فيه سعر الصرف إلى 100 ليرة، ثم تراجع واستقر عند سبعين ليرة حتى نهاية عام 2012، عندها بدأ مصرف سوريا المركزي بتقنين بيع القطع الأجنبي لاستشعاره هو وباقي إدارات الدولة أن الهجوم على الدولة والليرة السورية لن يمر بوقت قصير أي لا يمكن المتابعة بضخ الدولار بالكميات السابقة.

بداية عام 2013 لمع اسم صفحة "الأسهم السورية" على "الفيسبوك"، كانت تنشر أسعار الصرف فقط بخلاف اسمها المفترض وهو "الأسهم السورية"، تتبع أسلوب نفسي متقن، ذكي، احترافي يشد الانتباه ويوحي بالمصداقية وتعدد المصادر والمتابعة اللحظية السريعة وهذه الأمور بمجموعها هي أشد ما يحتاجه التاجر أو المستورد لأن التجارة والاستيراد (نظامية أو تهريب) متصلة صلة وثيقة بسعر الصرف والمتابعة اللحظية للأسعار، بالإضافة لعشرات الصفحات ذات نفس الصلة، لكن الاختلاف واضح وجلي بين الجميع وبين صفحة "الأسهم السورية" لأنها صفحة احترافية وكل من تبقى هم هواة متطوعين من خلال متابعة وتدقيق بسيط يتضح هذا الامر.

صفحة "الأسهم السورية" واجهة لعملية تدخل كبرى بسعر صرف الليرة السورية

صفحة "الأسهم السورية" كادر عمل ممول من جهة مجهولة من اليوم الأول لإصدارها، كان لديها مكاتب في دمشق (مكتب في برج دمشق، مكتب في برج تالا بالمزة)، بموظفين يعملون برواتب شهرية، ومهمتهم كتابة أسعار الصرف والتواصل اللحظي والمستمر مع أي شخص يتواصل مع الصفحة عن طريق الرسائل الخاصة، أو الرد على التعليقات الخاصة بالمنشورات.

الخبير المالي الخاص بالصفحة ومؤسسها السيد "رامي العطار"، عمل سابقاً في "سوق الأوراق المالية السورية"، وتابع دراسة التحليل المالي في دول عديدة ولديه شهادات بريطانية وأمريكية في التحليل والتدريب المالي، وهو غير موجود في سوريا منذ بداية الأزمة.

رامي العطار لا ظهور علني له ابداً على الصفحة وهو مؤسس صفحة "الأسهم السورية" وصاحب تطبيق الأسعار الخاص بالهواتف الذكية الشائع الاستعمال حالياً واسمه "Syrian exchange prices".

يعمل العطار من خلال صفحة "الفيسبوك" وتطبيق الأسعار على خلق مشهد متكامل عن الليرة السورية والاقتصاد السوري ينساق الفرد إلى تصديقه بسبب بساطة الأسلوب وفقر الفرد السوري الى المرجعيات الاقتصادية الحكومية.

منذ اليوم الأول لانطلاق الصفحة والتطبيق، وهم يعملون بانتظام متناهٍ ينافسون به الجميع، ساعات عمل محددة، بداية تداول، وساعة إغلاق، وحركة أسعار متغيرة صعوداً وهبوطاً وجميعها وهمية.

اتبع "العطار" بموقعه سياسة "اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدق الجميع" ففي كل يوم ينشرون أسعار الصرف من جميع المحافظات السورية والمدن والنواحي والمناطق الحدودية، ضمن أسلوب بسيط وهو اعتماد سعر المصرف المركزي لدمشق، ومن ثم تحريك هذا السعر هبوطاً وصعوداً لجميع المناطق حسب اعتبارات، كأن يكون سعر المناطق الساخنة للدولار مقابل الليرة أقل من سعر دمشق بسبب صعوبة الانتقال وعدم وجود البنوك والشركات، والأسعار في حماة والساحل مساوية أو أقل بقليل من دمشق بسبب توفر البيئة الاقتصادية.

في البداية كانت أسعار الصفحة افتراضية وبعيدة عن الواقع ويسعون لرفع سعر الدولار مقابل الليرة بشكل دائم، وعند سؤال القارئ لماذا الأسعار المنشورة أعلى من المتداول؟ يقولون له: «نحن ننقل أسعاراً لعمليات صرف تمت فعلاً».

حتى صيف عام 2013 كانت المتابعة لهذا الموقع والأسعار المنشورة به لا تلقى الكثير من الاهتمام، بسبب تواجد تجار العملة الأصيلين القدامى "الصرافين" منذ عام 2013، ولغاية أكثر من 30 سنة مضت، "سوق الصرف الجانبي" أو ما يتم تسميته "السوق السوداء" كانت تدار من قبل أشخاص موزعين على المحافظات السورية ولهم علاقات بين بعضهم وعلاقات مع تجار سوريا بمختلف اختصاصاتهم وعلاقات مباشرة وحسابات بنكية في دول الجوار ودول أخرى، وحين تم سن قانون يسمح بعمل الصرافة قانوناً كان هؤلاء التجار "الصرافين" هم أول من تقدم لطلب التراخيص، منحت تراخيص للبعض ومن تبقى بقي ضمن ما يسمى "السوق السوداء".

 في منتصف عام 2013 بدأت حملة مكثفة من قبل جهات حكومية وأمنية عدة لمكافحة السوق السوداء ومن هنا بدأت "الأسهم السورية" تتمدد في عقول السوريين.

خلال ستة أشهر تم تقليص عمل 50% من نشاط "السوق السوداء"، وهذا الأمر مطلوب ومرحب به كون الاقتصاد السوري لا يلزمه في تلك الفترة تجار "سوق سوداء" بقدر ما يحتاج لعمل منضبط ومنظم.

ومع الغياب التدريجي لاحقاً لتجار السوق السوداء القدامى وعدم قدرة شركات الصرافة من مجاراة السوق والأسعار بسبب القوانين الناظمة لعملها، أتاح لصفحة "الأسهم السورية" أن تكون المصدر الرئيسي للأسعار، عن طريق نقل ما يتم تداوله في المحافظات والمدن والبلدات وخلف الحدود، لتصبح هذه الصفحة مع تطبيق الاسعار الخاص بها مصدر السعر للجميع من مواطنين وتجار وشركات، بالرغم من كون مصدر أسعارها وهمياً.

ومنذ بداية عام 2014 وحتى يومنا هذا صفحة "الأسهم السورية" تنافس "مصرف سوريا المركزي" والبنوك وشركات الصرافة.

هناك بعض الحوادث تمت تدل على عمق تواجد صفحة "الأسهم السورية" وتطبيق الأسعار الخاص به ضمن الحياة الاقتصادية السورية اليومية وأنه موقع غايته المضاربة واستنزاف الليرة السورية حتى النهاية.

ففي بداية عام 2015 وأثناء حالة الصعود المتتالية للدولار مقابل الليرة تم تغيير سعر الصرف على تطبيق الأسعار من 250 ليرة إلى سعر دون 200 ليرة، ولم يتم نشر أي شرح على صفحة "الأسهم السورية"، تراجع سعر الصرف في كامل المحافظات وأصبح الجميع بحالة ضياع شبه تام بما يجب أن يكون عليه سعر صرف الدولار.

ثم تم نشر بيان على الصفحة أنه سيتوقف عن نشر الأسعار وأنه توجه له اتهامات بقلة الوطنية وما إلى ذلك، وأنه سينشر فقط أسعار "مصرف سوريا المركزي" لمدة شهر كامل وسيمتنع عن نشر أي سعر أخر، وخلال ثلاث أيام كان الدولار قد تراجع لحدود سعر المصارف، عندها عاد كل شيء إلى ما كان عليه وعادت الأسعار لتنشر هبوطاً وصعوداً.

أما بالنسبة للأسعار الوهمية على ما يسمى تطبيق الأسعار"Syrian exchange prices" هي طبعاً وهمية لأن ما نراه من أسعار للعملات العالمية التي تتحرك صعوداً وهبوطاً على الشاشات، هي تابعة لشبكة تداول إلكترونية عالمية ومزوّدات خدمة مربوط إليها كافة البنوك العاملة حول العالم، ويتم البيع والشراء بين هذه البنوك بطريقة إلكترونية بالكامل وضمن إطار قانوني عالمي صارم، والأسعار التي نراها هي أسعار تمت لعمليات بيع وشراء لهذه العملات ضمن هذه المنظومة فقط وأي شيء آخر هو غير معترف به، لهذا السبب نجد أن قلة فقط من الدول التي يتم تداول عملاتها عالمياً على أساس الأسعار الإلكترونية والتغير الحي والمباشر لسعر هذه العملات.

أما أسعار العملة السورية المتوفرة على هذا التطبيق فلا نعرف ما هو مزود الخدمة المرتبط بها أو البنوك أو شركات الصرافة أو التجار أو أي شيء، كل ما هنالك سعر يصعد ويهبط ويتراقص عن طريق شخص ما يقرر أن السعر الآن كذا وبعد قليل كذا، بالإضافة للحالة النفسية التي يعيشها غير العارف بما يعني سعر حي ومباشر للعملة وما شروط توفر هكذا سعر بطريقة إلكترونية.

وهنا من يتابع الشأن الاقتصادي، عرف وتيقن أن هكذا مفعول وهكذا تأثير لا يصدر عن مجرد تطبيق أسعار وصفحة على فيسبوك.

صفحة "الأسهم السورية Syria stocks" وتطبيق الأسعار Syrian exchange prices"" والخبير المالي رامي العطار الموجود في تركيا هم واجهة فقط لمنظومة تعمل ليل نهار على جزئية مهمة في حياة السوريين وهي سعر الصرف، ليستطيعوا الوصول إلى إرهاق الدولة والمواطن اقتصادياً من خلال هذه الجزئية الهامة.

ولا بد من أن هناك من يقف وراء هذه الواجهة هويدعم عمليات المضاربة الخبيثة فيها، خصوصاً الارتفاع المفاجئ الأخير الذي أصاب الدولار في صفحة "الأسهم السورية"، فعلى ما يبدو أن هناك بضعة أشخاص من أصحاب النفوذ داخل الدولة يستفيدون من هذه الصفحة، لأن مصلحتهم تكمن في الإساءة لسمعة "مصرف سوريا المركزي" في هذه المرحلة بالتحديد.

المصدر: خاص

شارك المقال: