Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

سفّرني ع أيا بلد إلا "لبنان"

سفّرني ع أيا بلد إلا "لبنان"

مروة ياسين

أزمة "اللا أخلاقية" تعود وتصيب بعض اللبنانيين 

أزماتٌ عدة عاشتها لبنان أولها السياسية والاقتصادية.. وليس آخرها "الزبالة"، كلها عاصرت فترة الحرب السورية ولكن الأزمة الأخطر كانت "اللا أخلاقية" عند فئة لا بأس بها من اللبنانيين بدأت مع موجة اللجوء التي عاشها السوريين بسبب الظروف الصعبة التي فرضتها الحرب عليهم، آملين بإيجاد صدر رحب عند "إخوتهم"، ولو من باب رد الجميل الذي سبق وقُدم لهم عند ما كان الحال معاكساً عام 2006. 

كانت عنصرية اللبنانيين جليّة منذ البداية من خلال عدة مقاطع مصورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، منها تتضمن مظاهر ضرب وإهانات واستغلال الوضع المتردي للاجئين، ومنها تقارير مصورة تستطلع الآراء حول التواجد السوري وتقتصر على وجهات النظر السلبية، لقيت هذه العنصرية غير المبررة صخباً واسعاً ومشادات كثيرة بوقتها، إلا أنها عادت وهدأت بفعل التأقلم اللبناني مع الوضع.

لكن أمراً ما أصاب مواقع "ليبانون ديبايت" حديثاً، جعله يضرب من جديد بعنصرية السوريين في لبنان، بمادة (لن نصفها بالصحفية لأنها أبعد ما تكون عنها)، عنوانها: "تكسير صليب والتبرز عليه في بقاعكفرا"، بدأت بالقول: "غريب أمر بعض العمال السوريين، فبالرغم من نزوحهم إلى لبنان بأعدادٍ كبيرة واستقبالهم وإيوائهم وعدم ممانعة الدولة قيامهم بممارسة التجارة أو العمل في مختلف الميادين، إلاّ هناك من يصر منهم على التعرض للرموز الدينية وإثارة النعرات الطائفية".

لكن الغريب هو أمر كاتب الكلمات ذو النظرة الوردية للحضن اللبناني الدافئ الذي يعيش فيه اللاجئون، ومع ذلك "السوريون الأشرار" ينكرون الجميل بأفعالهم اللاأخلاقية، وبمناسبة الحديث عن "اللاأخلاقية"، فعندما تتهم عمالاً من الجنسية السورية على وجه الخصوص أفلا يجب على هذا الموقع المحترم أن يقدم ما يثبت صحة قوله بصورة مثلاً؟ فما الذي أدرانا إن كانت هذه الأحداث حصلت في مخيلته فقط؟ وإن افترضنا أن ما حدث واقعاً، فما الذي دفعهم لهذا الفعل؟ وهل لعاقل أن يصدق قيام مجموعة من الشبان بتحطيم رمز ديني دون سبب أو من باب التسلية مثلاً؟

بالطبع لا تُبرر فعلة كهذه إن حصلت، ولكن موقع "ليبانون ديبايت" الذي يتخذ من جملة "شغلتنا الحقيقة" شعاراً له، واضح أنه لا علاقة له بالحقيقة، وواضح أنه يود حصد الشهرة والانتشار بطريقة رخيصة جداً كعناوينه "الخلبية" مثلاً التي لا تخرج عن "فضيحة لفلان"، "اختفاء علان"، "عنف".. و"خلاف" وحتى استطلاع رأي الناس فكان استطلاع عن "أسوأ" أداء مثلاً.. 

كما أن تكريس خطاب الكراهية في هذا الموقع واضح وضوح الشمس فهذه ليست المادة الأولى، فعلى يسارها تماماً يظهر عنوان لمادة أخرى بعنوان "مجلس النواب يشجع النازحين على البقاء في لبنان وعدم العودة"، لكن المؤسف هو أنه ما زال هناك من ينقل عن هذا الموقع تلك الرداءة إلى صفحاته، وأن هناك من يصدقه ويبدأ بالشتم دون التأكد من صحته ما قرأه حتى.

بوادر استقرار الأوضاع في سورية لن يطيل غياب السورين عن بلادهم، ولكن الندبات التي تركت داخلهم ستطيل أزمة الكراهية التي تجعل السفر للجحيم أهون على السوريين منه إلى لبنان.

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: