صبيحة عيد الفطر.. الأطفال بين القبور
نورس علي
ما إن رفع الشيخ "عبد الله يوسف" آذان الفجر وهلل وكبر صبيحة عيد الفطر، حتى غصت مقبرة القرية بالأطفال من مختلف الأعمار وأمهاتهم الثكالى متشحات بالسواد، حاملين معهم أغصان الريحان والغار قرباناً لأرواح آبائهم الشهداء.
"عزيز حسن" طفل لم يتجاوز عقده الأول بعد يحمل باقة من أغصان الريحان تكاد تغطي جسده النحيل الهزيل الضعيف على فراق جدته، تمتم بكلمات غير مفهومة وكأنه يقرأ الفاتحة على روحها، حضن الشاهدة وقبلها كثيراً حتى كاد يخنقها بعاطفته التي حاولت والده رعايتها وتنميتها فيه، وجلس كرجل عجوز يفكر بمكان روحها الآن، فهو سمع سابقاً من جده أن أرواح الطيبين بين المصطفين تراقب الأحبة، وهذه جعله ينتظر ويترقب ظهورها علها تعود لحظة ويراها، فيروي حبه لها.
ربة المنزل "مريم" التي أثقلتها الهموم، لم تستطيع كبت دموعها بحسب حديثها لجريدتنا أمام رهبة حزن ابنتها على فراق أبيها الشهيد، فغمرتها بعمق كي لا ترى دموعها، ولكنها لم تستطيع إخفاء آهاتها، حتى أجبرتها على البكاء كشابة أغلقت السماء أبوابها السبع بوجهها.
هذا الحال تشارك فيه عشرات الأطفال وأماتهم وحتى الجدات وأمهات الشهداء، حتى خجلت السماء من آهاتهم فعبقت بالغيوم المثقلة عليها تستطيع البكاء في شهر حزيران، فتدخل الفرحة والبسمة قلوب المفجوعين، فبأي حال جئت يا عيد.
زيارة القبور صبيحة أول أيام عيد الفطر مصدر رزق للكثيرين ممن أثقلت الأوضاع الاقتصادية كاهلهم، فهم بحسب حديث "خالد عبيد" لجريدتنا يسوحون في البراري قبل يومين من انتهاء شهر رمضان الكريم لجميع أغصان الريحان والغار رغم الحر ووعورة الطرق، بهدف بيعها على ناصية الطريق وسط المدينة للراغبين بزيارة قبور أحبائهم، محققين بذلك فرصة عمل موسمية بربح جيد ممزوج بالألم.
ولكن حال الأم "نسيمة محمد" لا يشبه حال الكثير من الأمهات بل بعضهم، فهي صنعت حلوى العيد التي يحبها ولدها "عيسى" الجندي المقاتل في محافظة "دير الزور"، وتنتظره بفارغ الصبر عله يستطيع تناول شيء منها بأذن مغادرة لو لأربعة وعشرين ساعة فقط.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: