رشّد أعصابك أخي المواطن .. بالدعوات ترقى الأمم وتَدوم النِعم
حبيب شحادة
بعد أن وصلت أزمة المحروقات إلى ذروتها، وعلى الرغم من تخبطات الحكومة حول الأزمة وتداعياتها، وفشلها في تطمين المواطن الصامت والمنتظر على كازيات سوريا بأكملها، خرجت الأوقاف لتدعو بتعميمها الأخير خطباء المساجد والمدرسين الدينين ومدرسي الثانويات والمعاهد الشرعية للمساعدة والتوعية في تجاوز أزمة الوقود ومواجهة شائعاتها والتعامل معها.
وبمجرد قراءة التعميم ينتابك شعور وكأن المواطن السوري هو من جفف محطات الوقود من محتوياتها، وذلك عبر دعوته للترشيد، لما فيه من حكمة وعقلانية.
ربّما لا تعلم وزارة الأوقاف بأنّ أزمة الطاقة الحالية سببها نقص الوقود، وليس الاستهلاك الزائد للمواطن، أم هل يعقل أنّ المواطن يستهلك بنزين ومازوت أكثر من حاجته مثلاً؟ يبدو كما لو أنّ المواطن يعيش في بحبوحة اقتصادية ليستهلك أكثر من حاجته، متناسين أنّ جيبه تكاد تخلو حتى من ملئ خزان الوقود ولو لمنتصفه، ليتم دعوته اليوم للترشيد.
سنوات من الحرب لم يبرز دور وزارة الأوقاف لا بتعاميم ولا بشيء أخر، وعند بداية الحرب الاقتصادية بدأت تلعب الدور كمن يستمر بلعب كرة قدم بعد انتهاء المباراة.
غريب أمرك يا وزارة الأوقاف تَدعين الشعب إلى ترشيد وإثراء ثقافة الترشيد في زمن القحط الطاقوي. الذي لا يجد فيه المواطن نقطة وقود ليقوم بتبذيرها.
على ما يبدو أنّ وزارة الأوقاف بحاجة لمراجعة دروس التاريخ لتتذكر بأنّ نهوض الأمم ورقيها لا يكون بترشيد مورد غير متوفر بالأساس، وإنّما بدورها في مجال العلوم والتطوير والبحث العلمي.
كما يمكن أنّ الأوقاف وتوابعها لم ترَ الناس طوابير على محطات الوقود، وإلا لما كانت دعتهم لعدم التزاحم، وإنّما دعتهم للصبر على طول الانتظار لتعبئة العشرين ليتراً المخصصة لكل سيارة بعد ساعات طويلة.
ربّما أيضاً ليس لدى الأوقاف وسائل تواصل اجتماعي، فالشائعات أضحت خبز الناس اليومي، وهي تدعوهم للنهي عنها، وكأنّ أزمة المحروقات تكمن في أنّها أزمة شائعات.
وربّما يتمنى الناس لو أنّها فعلاً أزمة شائعات تتداولها مواقع السوشل ميديا.
المصدر: خاص
شارك المقال: