رمضان الجزيرة السوريّة.. تبادل الولائم
عبد العظيم العبد الله
يترقب الشاب "جورج أفرام"، أذان المغرب في مدينته "القامشلي"، ليذهب إلى جاره الصائم ويقدم له وجبة طعامهم، ويفطروا عليها، هذه العمل الاجتماعي عمره بعمر المنطقة حسب ما بيّنه جورج في حديثه لجريدتنا: «طقوس شهر رمضان الجميلة تشاركها كافة أطياف المدنية، حتى من غير الصائمين، فقد ورثناها من أجدادنا وآبائنا، وأكثر من ذلك، الكثير من الطوائف غير المسلمة، تقوم بتجهيز ولائم إفطار في منازلها وتدعو الصائمين إليها، في جو اجتماعي رائع، يتحدث عنه الجميع».
ظاهرة تبادل الولائم بين الأسر في منطقة "الجزيرة" السورية، قديمة ومستمرة، يتشارك فيها أفراد الحي الواحد، وربما أبعد، وازدادت تميزاً، بعد نزوح وتوافد الكثير من الأسر من مناطق ومحافظات أخرى إلى بلدات ومدن الجزيرة السورية، حيث يقول عن هذه الظاهرة "أحمد الديري" أحد أهالي مدينة دير الزور لجريدتنا: «وجدنا أمراً ملفتاً في شهر رمضان، قبل 3 سنوات وإذا بطفل جارنا يقدم لنا في صحن وجبة الطعام التي جهزوها في منزلهم للإفطار عليها، على الفور بادرنا بذات الموقف، وبعثنا وجبتنا لهم، عرفنا بأنه عرف وتقليد رمضاني، واستمر الحال حتّى اليوم، وهذا المشهد في غالبية الأحياء، والأجمل أنه لا يتوقف الأمر عند الصائم فقط، كل الأسر تتشارك في إنجاز هذه اللوحة الاجتماعيّة الجميلة».
والأهالي نوهوا بأهمية تبادل الولائم من جوانب عدّة، تكمن في تعرفهم على خصوصية وتميز كل منطقة بأكلة معينة، والتعرف عليها، فأبناء حلب المقيمون في الجزيرة يحرصون على تقديم الأكلات المشهور بها حلب وأبرزها الكبة، وأبناء الدير يعشقون البامية ويحبون أن يشاركهم بها أبناء المنطقة التي يعيشون معهم، أمّا الثريد فهو طبق لذيذ لغالبية أبناء الريف، أمّا أبناء الحسكة فمعروفون بحبهم للحم البلدي، والرز والبرغل من ألذ وأهم وجباتهم، ومشاركة الناس في شهر رمضان واجب اجتماعي عليهم وعلى غيرهم.
ويشيد الأهالي بمن يقوم بدور تبادل الولائم، فهي تقع على عاتق الأطفال واليافعين بالدرجة الأولى، وإن تعذر يقوم الأكبر، لذلك هم يزرعون بذرة الخير والمحبة في نفس الطفل منذ مراحل عمره المبكرة، حتى أصبح الطفل يذكر والدته وأهله وقبل الفطور بلحظات، بضرورة أخذ جزء من وجبتهم لجاره.
ومن الطقوس الجميلة التي تعيشها الجزيرة التزام غالبية الوجهاء ومن كافة الأطياف بإقامة وليمة عامة وكبيرة، يجتمع عليها الناس من كل الأطياف والأديان يجددون فيها رسالتهم الدائمة رسالة المحبة والأخوة بين أطياف المنطقة.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: