رحيل حاتم علي.. صحافة المواطن تتفوق على الإعلام الرسمي!
خاص/ حسن سنديان
بما أنها مثيرة للجدل وتقع غالباً في اللغط، لكنها تحدّت الإعلام الرسمي،.. "صحافة المواطن" أو الصحافة الشعبية.. "تشيّع المخرج الراحل حاتم علي في دمشق، على الرغم من إقصاءه.. ببساطة تحول المحبون إلى مصادر مفتوحة لنقل كافة الأحداث بدءاً من وصول الجثمان إلى بدء مراسم التشييع في دمشق.
أصبحت الهواتف المحمولة، عبارة عن منظومة كاملة شكلت تحدياً للمؤسسات الإعلامية الرسمية، وتحول كل محب لحاتم علي صحفي إلى مسؤول عن الحدث، ليشكل عملية ترابط وثيقة بينه وبين الصحفي الباحث عن المصدر، وبدوره الصحفي يقولب خبر المواطن ضمن هيكلية تعتمد على فن التحرير الصحفي والأسس الأكاديمية.. من "بث مباشر"، إلى صور "لحظة وصول الجثمان" إلخ من تفاصيل للمراسم، في ظل تغيب تام لوسائل الإعلام الرسمية، أو أي تصريح من نقابة الفنانين، غير خبر الوفاة الرسمي المنمق بقالب خشبي، لا يتخلى عن أيديلوجيته المعهودة.
الإعلام الرسمي.. والتغيّب الكامل
عبر حاتم علي بأعماله الكبيرة، التي شكلت أيقونة لدى كل سوري وعربي، في وسائل إعلام بلاده الرسمية، بتقارير بسيطة، زادت الطين بلة، فلم يكتفي هذا "الصحافي المسؤول" أي المواطن بنقل الحدث بصور أو فيديو، بل نقل حس المسؤولية، بتوجيه انتقادات لاذعة إلى سياسة الإقصاء الإعلامي لهكذا شخص يشكل أيقونة لدى السوريين، ما أدى بدوره إلى كشف رداءة الإعلام الرسمي والفجوات التي شكلتها هذه المؤسسة الحكومية من عدم تغطيته للحدث أو إعطاءه أهميته التي يستحقها، بغض النظر عن موقف المخرج الراحل. إلا أن الفن والرياضة لطالما جمع السوريين باختلاف مواقفهم، كما حدث وجمع الراحل حاتم علي بوفاته جميع السوريين في الداخل والخارج.
وتعليقاً على ذلك، تقول "حنين أحمد" في تصريح صحفي لجريدتنا وهي ناشطة مدينة في سوريا: « موضوع إحساس الناس من فترة بالمسؤولية ونقل أي حدث والإعلان عنه بات أكثر أهمية، ليصبح له دوراً فاعلاً بنقل الحقائق بلا رتوش»، مضيفةً «وبالوقت ذاته دليلاً على الفجوة التي شكلها الإعلام السوري ومحدوديته».
وترى حنين التي كان لها دوراً بنقل أحداث تشييع المخرج حاتم علي كأي مواطن سوري بأن «القصة لم تبدأ بالتشييع بالعكس بل من أكثر من سنة، وتمثلت بعدة قضايا كالموظفة التي فُضحت مؤخراً أو حالات الفساد وتقصير المسؤولين» وتقول «أنا معجبة فيها للقصة بالرغم من أنها خطرة في عدة أوقات، لكن غياب الإعلام والحريات يفرض هذا الشيء».
وللمقاربة لم يبدِ الإعلام السوري الرسمي أي موقف تعاطف أو مهنية بنقل التشييع، بل أخذ دور المحدودية في الإعلام، ولم "يصرعنا" كعادته عندما يعلن أي مسؤول حكومي عن توفر مادة استهلاكية في المؤسسات الحكومية بعد انقطاعها، لترى هذا المسؤول يخرج بعدة تصريحات على أكثر من قناة رسمية يتحدث عن هذا الإنجاز العظيم، كما حصل مؤخراً بعد الإعلان عن توفر مادة زيت دوار الشمس.
قبح وجمال صحافة المواطن..
أصبح كل صاحب مجموعة على "الواتس آب" أو "الفيسبوك" إعلامياً ينشر أخبار منطقته أو ينسخ ويلصق أخبار من عدة مناطق، يؤسفك أنه لم يعد إلى المصدر، أو ترى أن الوصف التعريفي، يُكتب باللغة العامية، دون الفصحى، ولا يتطابق خبره مع أي من تلك القوالب الصحفية الأساسية. الأمر الذي يتسبب لبعض الصحفيين بضياع مهنيتهم ويسقطهم بذلات، النسخ واللصق دون ذكر المصدر.
تتسم أيضاً صحافة المواطن بجمالها عندما تمكّن المواطن البسيط من نقل معاناته، لكنها تحمل مساوئ بأنها تجعل بعض هؤلاء الأشخاص يحملون لقب "إعلامي" أو مؤهل بأن يتحدث هو فقط باسم منطقته، فليس هناك تفريق بين المنصة الرسمية، وصفحة الفيسبوك العادية، لكنها أيضاً تطلعنا على أمور منسية في المجتمع وتسلط الضوء على أشياء مغيبة تماماً، إلا أنها تقع أيضاً في فخ "الصحافة الصفراء"، بوضع عناوين "شاهد قبل الحذف".
على مايبدو أن الإعلام الرسمي ينظر إلى المواطن السوري، بأنه ناقل لا يلتزم بالمعايير الصحفية، أو كلامه مجرد تعليقات على "الفيسبوك"، لكن عندما يحتك الصحفي مع المواطن الذي نقل الحدث ويزود الصحفي مادة المواطن بمصادر، واتصالات لكشف صحة الخبر وتحقيقه ضمن معايير مهنية، هنا تكمن أهمية صحافة المواطن، وبالرغم من كل ذلك لا يعترف فيها الإعلام الرسمي بل يعتبرها مجرد "غبار فيسبوكي".
المصدر: خاص
شارك المقال: