Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

رفع الدعم عن المشتقات النفطية.... جمرة ستحرق العشب اليابس

رفع الدعم عن المشتقات النفطية....  جمرة ستحرق العشب اليابس

الأسعار سترتفع 40% على الأقل 

إنها مكاشفة غير مقنعة عن أزمة النفط  موجهة إلى كل مواطن سوري صامد أو غير صامد، ففي حكومتنا العتيدة لن نسمع عن الصمود الأسطوري إلا عبر شاشات الإعلام الرسمي، وعليكم أن تقتنعوا عبر أرقام وإحصائيات تثير الغثيان، أن كل ما تفعله الحكومة هو عين الصواب، وعليكم أن تتأكدوا بأن العقوبات الكونية على بلادنا الحبيبة سبب كل الأزمة وأن فريق الصقور الاقتصادي يقود دفة المشتقات النفطية بحرفية سواء قدمت بواخر النفط إلى الساحل أو لم تأت .

يصرخ مواطن يحمل الجنسية السورية ببراءة، على أرصفة إحدى الطرقات بجانب إحدى محطات المحروقات، أين النفط السوري الذي حاربنا العالم كله من أجله، أين هي الاكتشافات العظيمة الذي بدأ الحديث عنها منذ عدة سنوات؟ لتجيبه ماكينات الحكومة الإعلامية بأن إنتاج سوريا انخفض وجزء كبير منه يقع خارج السيطرة، لكن عندما تقبل المواطن الصامد السعر العالمي الجديد خرج بنزين أوكتان 95 فجأة من العدم!!!. والسفن التي تمنعها قناة السويس ظهرت بشكل عفوي عبر خرائط غوغل.

لنتابع تساؤلاتنا البريئة ولترد علينا الماكينات ذاتها عامها وخاصها ببثها الحي أو عبر الورق، ماذا لو كان الإعلام المقرب من الحكومة يمهد لفكرة خفية جنية ما ، ماذا لو كانت فكرة بنزين أوكتان 95 بداية الطريق لرفع الدعم عن البنزين وربما كل المشتقات النفطية كلها؟  لم تؤكد ذلك الحكومة في بيان رسمي ولن تفعل، فالشواء لم يستو بعد، لكن وجود نوعين من البنزين بسعرين مختلفين هو نوع من تحرير أسعار المشتقات النفطية أليس كذلك يا سيادة وزير النفط؟. لا شيء يدعو للغرابة، والتجارب السابقة نذير شؤم أمام عين كل من يقرأ المشهد الاقتصادي السوري اليوم ولم يفقد صوابه بعد، ولنتذكر ما دام بقي شيء من الذاكرة عندما رفعت الحكومة أسعار المازوت في عام 2008 فقفزت أسعار كل السلع التموينية يومها!!!.

من سيدفع ثمن قرارات ارتجالية لو حدثت ؟ بالتأكيد ليس مسؤولي الحكومة الذين يعيشون في أبراجهم العاجية لا يسمعون أنيناً ولا صراخاً، وكيلا نبالغ بالنقد، فقد نشرت صفحة فيسبوكية  موالية لرئاسة الحكومة حتى النخاع خبراً مفاده أن (وزراء ومدراء عامون يركنون سيارات الليكزس و الاكورد .. ويستخدمون سيارة شام وبعضهم استخدم سيارته الخاصة) وعليكم أن تفهموا أن المسؤولين يعيشون الحصار نفسه.

ألم تتعلم الحكومات المتعاقبة الدرس جيداً و اللبيب حتى المختل عقلياً يعي بأن رفع الدعم عن المشتقات النفطية إن حدث دون دراسة عاقلة للوضع المعيشي ليست إلا لعباً بالنار سيتبعها جنون لكل السلع والخدمات وأولها قطاع المواصلات والنقل، فالأسعار كالبنزين سريعة الاشتعال مع وجود وزير يحمل الجمرة بيديه ويفاخر مجاهرة بذلك، وللعلم بأن المفارقة ما بين رفع سعر المازوت في عام 2008 وتحرير البنزين 2019 كبيرة خاصة أن أكثر من 82% من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر والدولار تخطى عتبة الـ 500 ل.س ويواصل صعوداً كما أن سقف راتب الفئة الأولى من الموظفين لا يتجاوز 47 ألف ل.س.

ينتقد د.شفيق عربش (أستاذ في كلية الاقتصاد- جامعة دمشق) إجراءات الحكومة الأخيرة لمواجهة أزمة البنزين ويؤكد بأن محطات المحروقات تبيع بنزين أوكتان 95 بسعر أعلى من السعر العالمي حسب دول الجوار، فصفيحة البنزين تباع بـ 22 دولاراً في سوريا و تباع في لبنان بسعر 18 دولاراً.

ويبين د.عربش أنه بالنسبة لدعم البنزين هي إحدى السياسات غير الموفقة لكل الحكومات المتعاقبة، والسؤال الذي يطرحه الأستاذ الجامعي، من أين جاء البنزين 95 أوكتان؟؟ خاصة أن سوريا لا تملك هذا النوع من قبل،  وهذا البنزين لا يأتي  بسيارات من محطات محروقات بل عبر صهاريج تعبأ من مستودعات!!!.

ويقول د.عربش  "لسنا مع تحرير سلعة لوحدها وإذا أرادوا ذلك فليحرروا الاقتصاد كاملاً، فإما أن يكون كل الاقتصاد بمدخلاته ومخرجاته مسعر تسعيراً إدارياً أو يكون كل الاقتصاد بالمدخلات والمخرجات مسعر تسعيراً اقتصادياً، فلا يمكن تحرير البنزين وترك الرواتب بشكلها الحالي، وإذا حدث ذلك سيكون إجراء مرتجلاً يؤدي إلى نتائج غير مأخوذة بالحسبان، وستشهد  أسعار السلع والخدمات ارتفاعاً بأكثر من 40% على الأقل. 

ويستذكر د. عربش تجربة سابقة حصلت "ففي عام 2008 عندما تم رفع سعر المازوت من 7 ليرات إلى 25 ل.س ارتفعت الأسعار مباشرة بنحو 20%، حينها كنت مديراً للمكتب المركزي للإحصاء وكان هناك شائعات سبقت إعلان القرار رسمياً ما خلقت تضخماً مسبقاً مارسوه الصناعيون والتجار فرفعوا أسعار السلع قبيل صدور القرار".

 ويكمل د.عربش حديثه "جميع الحكومات تكرر نفس التجربة عن طريق رفع أسعار المشتقات النفطية من دون دراسة عقلانية، يرافقها عادة زيادة 25% للرواتب لا تسمن من جوع وانتهى الموضوع، دون أن يكترثوا بالانعكاسات الخطرة لتصرفاتهم على السوق والاقتصاد".

 ويوضح أستاذ الاقتصاد أنه منذ عام 1973 وحتى اليوم تجاوز متوسط ارتفاع الأسعار 1100 ضعف لكل السلع، ابتداء من المازوت مروراً باللحوم والخضار، ما عدا الذهب نتيجة اتصاله بالوضع العالمي، وبالمقابل لم تصل زيادة الرواتب طوال  الفترة نفسها 50 ضعفاً!!!. أي إن رفع الأسعار سيأكل زيادة الراتب كلها وأكثر من ذلك، لذا نلاحظ تراجعاً مستمراً بمستوى معيشة الأسر السورية. 

ويتابع د. شفيق عربش "خصصت موازنة 2019 نحو 960 مليار ل.س للدعم الاجتماعي ولو قسمنا هذا المبلغ على عدد الأسر في سوريا، لكان نصيب الأسرة 26 ألف ل.س شهرياً، لكن من يحصل على 1000 ل.س دعم يومياً؟؟؟ أين يضيع هذا الدعم؟".

إن 24 مليوناً يقطنون البلاد ليسوا سعداء بما يحدث، وليسوا متخمون من الوفرة في كل شيء كما يصرح وزير المالية مؤخراً، وبعضهم يعاني من الجوع حتى لو كانت ربطة الخبز بـ 50 ل.س يا سيادة الوزير، وبدلاً من إضاعة الحديث عن العقوبات والحصار، ننصح جهابذة الإدارة الاقتصادية  بفك حصار الفاسدين وحيتان المشتقات النفطية في الداخل.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: