قسد في مواجهة "فوبيا العشائر"
خاص
تشكل العشائر العربية الثقل الأكبر في المحافظات الشرقية من سوريا، وإن كانت "قوات سوريا الديمقراطية"، تحاول تصنيع "وجهاء عشائر"، على مقاس مزاعمها الإعلامية من خلال منح صفات أو مناصب عشائرية لشخصيات موالية لها، بما يفضي لاحقا للحديث عن "دعم عشائري للإدارة الذاتية"، فإن الواقع المعاش في ريف دير الزور الواقع إلى الشرق من نهر الفرات، يؤكد أن الميليشيات المدعومة من قبل التحالف الأمريكي لا تملك تأييداً أو حاضنة شعبية إلا من شريحة ضيقة جداً من المكون الكردي، فالممارسات التعسفية والطريقة التي تدير بها المنطقة لا تختلف كثيراً عن الطرق التي أدارت بها الميليشيات المسلحة المنطقة حين تواجدها فيها، والفارق الوحيد إن طموحات "قسد" الانفصالية، مبنية على أساس عرقي لا ديني، كما كان حال تنظيم "داعش"، ومن قبله الميليشيات المرتبطة بـ "جبهة النصرة".
البيان الصادر عن العشائر العربية التي اجتمعت في مدينة "الشحيل"، بريف دير الزور الشمالي يوم أمس، أكد على ضرورة تسليم إدارة المنطقة لأبناءها بدلاً من الإدارة الذاتية المرتبطة بالاحتلال الأمريكي، كما طالب بإطلاق سراح المعتقلين بشكل تعسفي لـ "قسد"، ووقف عملية الاعتقال على أساس التقارير الكيدية التي تقدمها ما تسمى بـ "الاستخبارات العسكرية" التابعة لـ "قسد"، إلى "قوات الاحتلال الأمريكي"، لتقوم اﻷخيرة بتنفيذ عمليات إنزال جوي ومداهمات بزعم بحثها عن خلايا تابعة لتنظيم "داعش"، فـ "قسد"، تسوق تهمة الانتماء للتنظيم بحق كل من يعارضها، الأمر الذي قد يفضي بمنظمي المظاهرات إلى الاعتقال من قبل الاحتلال الأمريكي أو التصفية الجسدية، وهذا يعد واحدة من الجرائم ضد الإنسانية.
أبرز مطالب العشائر في دير الزور، هو خروج قادة "قسد"، من الجنسيات غير السورية، وبتعبير مباشر "خروج قادة قنديل"، في إشارة إلى جبل "قنديل"، الذي يتخذ منه حزب العمال الكردستاني معقلاً أساسياً له في إقليم شمال العراق "كردستان"، والملف للنظر إن "قسد"، تحاول زعم وجود "كردي"، في مناطق عشائري كمحافظتي "الرقة - دير الزور"، وريف الحسكة الجنوبي، وفي حين أنها تزعم "الديمقراطية"، في ممارساتها وتصر على تصدير صورة إعلامية لمشاركة المرأة في كامل قطاعات الحياة داخل المناطق التي تسميها بـ "الإدارة الذاتية"، إلا أنها قابلت الحراك المضاد باستهداف المظاهرات بالرصاص الحي، ما أدى لاستشهاد ٢٢ مدنيا إلى الآن وإصابة عدد آخرين، إضافة لقيامها باعتقال ٢٥٦ شخصا من مناطق متعددة في ريف دير الزور الواقع إلى الشرق من نهر الفرات، ناهيك عن المعتقلين الذين يبلغ عددهم ما يقارب ٣٥٠٠ شخص في سجونها المقامة في كل من "الكُبر - الكشكية - أبو خشب".
تصر "قسد"، على إبقاء القرى الواقعة بريف دير الزور والرقة خالية من السكان بحجة التخوف من عودة تنظيم "داعش"، وتحافظ على وجودهم داخل المخيمات التي تسيطر كمخيمي "أم مدفع - أبو خشب"، الذين يعيشان ظروف إنسانية سيئة للغاية، وبرغم إن المناطق التي نزح منها السكان نتيجة للقصف العشوائي الأمريكي باتت بحكم "المناطق الآمنة"، تبعا لمزاعم "قسد"، إلا أنها تحاول الحفاظ على هذه المخيمات لأسباب متعددة، من أهمها الإبقاء على العامل البشري في المحافظات الشرقية تحت سطوتها، بما يفيدها في أي عملية تصويت مستقبلية.
الحراك السياسي الأخير في المنطقة الشرقية، اعاد ورقة العشائر إلى الطاولة السياسية والميدانية وبقوة، ففي حين تعمل "تركيا"، على استمالة البعض من هذه القوة البشرية إلى صفها لتحريك المنطقة ضد "قسد"، ميدانياً، فإن الاخيرة تستشعر خطر أن تبدأ العشائر العربية بالتحرك المضاد لها والموالي للدولة السورية، ففي موازين القوى، قد يؤدي مثل هذا التحرك إلى انهيار "قسد"، إذا ما قرر المقاتلون العرب المجندون في صفوفها الانشقاق عنها، إذ يشكل المكون العربي ما نسبته ٨٠% من عدد مقاتلي "قسد"، وفي حين إن الدولة السورية تراقب المشهد بالكثير من الترقب والمطالبة بوقف الانتهاكات المستمرة بحق المدنيين من قبل "قسد" والاحتلال الأمريكي، فإنها العشائر تذهب نحو إعلان الولاء للدولة السورية والمطالبة بتسوية ملف المنطقة سياسياًـ بما يعيد سيطرة دمشق على المحافظات الشرقية.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: