قرصنة بريطانية بضوء أخضر أمريكي...
خاص
فصل آخر من فصول الحصار والضغط الاقتصادي، تم افتتاحه في الساعات الأولى من صباح الخميس الفائت من قبل البحرية الملكية البريطانية، بالتعاون مع سلطات جبل طارق التابعة للمملكة المتحدة، وبتوجيه من واشنطن بحسب وزير الخارجية الإسباني، حيث تم توقيف واحتجاز ناقلة نفط عملاقة تحمل كميات كبيرة من النفط الخام، كانت متوجهة إلى مصفاة بانياس في السواحل السورية. الناقلة العملاقة، التي تحمل اسم «غريس 1»، كانت ترفع علم بنما، وهي مملوكة لشركة «Grace Tankers Ltd» التي تتخذ من سنغافورة مركزاً لها.
هذا السلوك البريطاني وبتوجيه أمريكي يعبر عن تصعيد هدفه إرسال رسائل سياسية على مستويين:
الأول مباشر باتجاه سوريا وإيران بتوقيت سياسي يحمل الكثير من الدلالات في مقدمتها الضغط على دمشق لقبول بالمقترح الأمريكي فيما يتعلق باللجنة الدستورية أثناء الزيارة المرتقبة للمبعوث الدولي إلى سوريا (غير بيدرسون) خلال الأيام القادمة، حيث تسعى واشنطن إلى العودة لإحياء مسار جنيف بدلاً من أستانة ودمج الأخيرة مع المجموعة المصغرة حول سوريا برئاسة أمريكية، وفرض الميلشيات الانفصالية وفي مقدمتها "مسد" ضمن اللجنة الدستورية بشكل مستقل، فضلاً عن الأهداف الأخرة والمتعلقة بوقف تقدم الجيش السوري في منطقة خفض التصعيد الرابعة وزيادة الحصار المفروض على سوريا حتى عام 2021.
أما الرسالة المباشرة الثانية هي باتجاه إيران وبخاصة بعد الصفعة المؤلمة التي وجهتها الأخيرة لواشنطن على أثر إسقاط الطائرة التجسسية قبالة مضيق "هرمز"، وبالتالي يسعى ترامب أيضاً للضغط على إيران أما للقبول بالجلوس على طاولة المباحثات أو وقف سقف تصريحاتها حتى انتهاء موسم الانتخابات الامريكية لكي لايتعرض "دونالد ترامب" لصفعة مؤلمة تنهي حياته السياسية وتخرجه من البيت الأبيض بهزيمة نكراء.
فضلاً عن الانزعاج الأمريكي من توصل إيران مع الدول الأوروبية لصيغة تعاون مالي بعيداً عن العقوبات الأمريكية، يتعلق بتبادل التجارة والنفط (نظام اينستكس)، وبالتالي دفع بريطانية للقيام بهذا السلوك التصعيدي هدفه دك إسفين الخلاف بين الاتحاد الأوروبي ودوله مع طهران لاستهداف العلاقات المتردية بينهما وجلب أوروبا إلى الصف الأمريكي.
أما الصين وروسيا هما المستهدفتان من هذا السلوك على المستوى غير مباشر، وهو تعبير عن انزعاج مؤسسات الدولة العميقة في واشنطن للقاء الرىيس ترامب بنظيره الروسي "فلاديمير بوتين" والخشية من تطور العلاقات بينهما بما يدفع ترامب لتقديم تنازلات في عدد من الملفات لروسيا يزعزع من هيمنة واشنطن على النظام الدولي ويقلص نفوذها.
في حين أن الصين التي تمهد لإطلاق أكبر مشروع اقتصادي دولي "طريق الحزم" فهي قد تستعين ببعض الخطوط البحرية وواشنطن أرادت إيصال رسائل تهديدية تجاه الأخيرة قبل بدء المفاوضات التجارية بينهما نهاية الأسبوع الحالي.
تصريح مستشار الأمن القومي الأمريكي "جون بولتون" الذي وصف هذه الخطوة بأنها ممتازة يشير لمدى انخراط واشنطن في دفع بريطانيا للتصعيد تجاه سوريا وإيران بشكل مخالف للقانون الدولي ومبادئه وبخاصة للمادة 38 من قانون البحار لعام 1980، وهذا قد يهدد المصالح البريطانية في مضيق هرمز أن قررت إيران المعاملة بالمثل وحجز السفن البريطانية أو المتعاملة معها، مماسيؤدي نحو المزيد من التصعيد في المنطقة.
كما أن السلوك البريطاني تجاه سوريا هو تعبير عن رغبة الأخيرة وربما بعض الدول الأوروبية للضغط على سوريا والعودة للعب دور في مشهدها السياسي عجزت هذه الدول عن ترجمته عسكرياً.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: