قرارات «حكومة الكسم» تعيد مجدها على أيام «خميس» !
نور ملحم
لـ"أبو العبد" حكمة جاهزة تعبّر عما وصل إليه الحال، يقول الرجل الثمانيني «إذا غلي اللحم… فالصبر رخيص»، فهل يُجدي الصبر نفعاً مع انعدام الأمن الغذائي الذي يضع حياة أكثر من نصف الشعب على المحك؟».
فمشهد المواطنين وهم يصطفون في طوابير للحصول على ربطة الخبز أو يتدافعون للفوز بكيلو سكر أو قنينة زيت، تعود بذاكرته إلى الثمانينات، حين قررت حكومة عبد الرؤوف الكسم رفع أسعار كل شيء بنسبة تتراوح ما بين 100 إلى 400% بحجة انعاش الاقتصاد السوري المتدهور نتيجة العقوبات الاقتصادية الغربية.
ترافق ذلك كما يذكر أهل الاقتصاد إيقاف عمليات الاستيراد للكثير من المواد الأساسية بهدف الحفاظ على القطع الأجنبي، مع رفع شعار تحقيق الاكتفاء الذاتي، كما تم خلط القمح مع الشعير في أحدى الأيام والشهور لعدم توفر الاكتفاء الذاتي من الطحين لصنع الخبز المدعوم الذي كان حلم المواطن للحصول على عدة أرغفة، ونتيجة هذه القرارات نشطت عمليات التهريب من الدول المجاورة وتدهورت المعيشة بشكل كبير.
اليوم يتكرر ذات المشهد، وقرارات حكومة خميس باتت مطابقة لقرارات الكسم حتى أن أحدى موظفين المجلس مازحني ضاحكاً منذ أيام : «القرار خلال الجلسة لا يحتاج إلى تفكير كبير جتى بتنا نعتقد أن الأوراق تنكش من الأرشيف، بس للأمانة يلي تغير هو الاسم في نهاية كل صفحة» حتى أن التصريحات والتبريرات والوعود والاجتماعات وكاميرات الصحافة نفسها… ليبقى المواطن في وجه المدفع في كل قرار يصدر دون دراسة.
فالمشكلة المتعلقة بتحديات الأمن الغذائي وتزايد فرص التهديد لجهة ما يتعلق بإمكانات الوصول إلى السلع والخدمات، لا تتعلق فقط بمستوى الإنتاج المحلي للسلع الغذائية، وذلك بحسب الدراسة التي قام بها الدكتور مدين علي، الذي أكد فيها أن الوضع الغذائي للسكان في سوريا شهد تدهوراً كبيراً طوال سنوات الحرب، وتحديداً في السنوات 2012- 2014، جراء التراجع أو الانخفاض الكبير الذي طال أداء القطاعات الاقتصادية ذات الصلة بإنتاج الغذاء تحديداً (الزراعة والصناعة الغذائية) هذا من جانب، وجراء التراجع في القدرة الشرائية للدخول، أو فقدان فرص العمل ومصادر الدخل من جانبٍ آخر، إذ أنَّ وسطي الأجر الشهري في الوقت الراهن يشكل نحو ( 50%) فقط من تكلفة الغذاء الشهري الذي قدّرته الدراسة بأنه لا يقل عن (34000) ل.س.
بالمقابل، وبحسب "المكتب المركزي للإحصاء" فإن نسبة الأسر غير الآمنة غذائياً في سوريا، وصلت خلال عام 2017 إلى 31.2%.
الأرقام جاءت استناداً لمسح قام به مكتب الإحصاء لتقييم حالة الأمن الغذائي، وبحسب النتائج فقد: «تراجعت نسبة الأسر المعرّضة لفقدان أمنها الغذائي من نحو 51% في 2015 إلى نحو 45.5% خلال 2017، فيما زادت نسبة الأسر الآمنة غذائياً من نحو 16% في 2015 لتصل إلى 23.3% في العام 2017».
واعتبر المركز، أن هذا التحسّن الطفيف جاء بسبب “الوضع الأمني في بعض المناطق” مُستبعداً أن يكون له أي علاقة بتحسّن الوضع الاقتصادي في سوريا، ورغم أن السلع أصبحت متاحة اليوم، لكن العائلات التي تملك القدرة المادية للحصول عليها لا تزال نسبتها قليلة، بسبب بقاء الأسعار مرتفعة للغالبية العظمى من السكان.
ومع استمرار حالة الاستعصاء في الإنتاج المحلي، وغياب الخطط البديلة للحكومة، فإن كارثة ستحلّ بالأمن الغذائي السوري، إذ يتشظى هذا القطاع بمكونيه الزراعي والحيواني إلى حدود التلاشي.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: