Sunday November 24, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

قراءة في الغارات الإسرائيلية على سوريا

قراءة في الغارات الإسرائيلية على سوريا

محمد نادر العمري

وسط مناخات التهدئة الذي شهدته قمة العشرين بين الرئيسين الأمريكي "دونالد ترامب" والروسي "فلاديمير بوتين", تقدم تل أبيب على اعتداء جديد على سوريا هو الأوسع منذ أيار  2018في توقيت سياسي يحمل الكثير من الدلالات والرسائل التي تبدو أنها كانت على أكثر من صعيد:

أولاً: تأزم الوضع السياسي لرئيس الحكومة الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" ورغبته في تحقيق انتصار على الأقل من الناحية الإعلامية لتأكيد زعامته على الساحة الداخلية الإسرائيلية, بعد التباهي الذي ابداه أثناء انعقاد القمة الأمنية الثلاثية في الأراضي المحتلة بأنه الوحيد القادر على تحسين تموضع الكيان على المستوى الدولي وقدرته على جذب ممثلي القطبين لحضور اجتماع برعاية كيانه, فضلاً عن السعي الإسرائيلي لتقوية مسار ثقة المستوطنيين الإسرائيليين بمقدرات حكومتهم العسكرية وبخاصة بعد الصفعات المتكررة التي تلقاها الجيش الإسرائيلي وجهاز استخبارته في قطاع غزة والتحذيرات المتكررة من كبار المسؤولين العسكريين ومراكز الدراسات من خوض أي حرب في ظل تغير توازن القوى وتأكل قوة الردع الإسرائيلية.

ثانياً: استكمال فصل ممارسة الضغوط التي تخوضها الدول المعتدية على سوريا بكافة الوسائل الدبلومااسية والسياسية والعسكرية لمنع تقدم الجيش السوري وحلفائه من تحقيق أي تقدم بمدينة إدلب بما يحسن تموضع الدولة السورية في أي مباحثات سياسية, وتحسين الروح المعنوية للمسلحين والفصائل في مدينة إدلب, وهذا العدوان يتزامن مع انخراط وعدوان تركي على الشمال السوري بما يؤكد مسعى الضغط للحد من هذا التقدم وحرمان سوريا من تحقيق أي مكاسب عسكرية توظف على الصعيد السياسي.

فضلاً عن المسعى الإسرائيلي بخلق حالة من شرخ الثقة للمواطن السوري بمقدرات مؤسساته العسكرية وقدراتها الردعية من خلال إيقاع أكبرقدر من الخسائر المدنية كما حصل في منطقة صحناية وهذا مايفسر الغزارة الصاروخية في استهداف المناطق السكنية.

ثالثاً: قد يعبر السلوك العدواني عن رفض إسرائيلي للوصول لصيغة تفاهم بين واشنطن وموسكو أثناء قمة العشرين التي انعقدت في اليابان. وتخوف إسرائيل من هذا التفاهم قد يمهد لتقدم سياسي على الساحة السورية لايناسب المصالح الإسرائيلية ومطالبها في إبعاد سوريا وإخراجها من محور المقاومة, وبخاصة بعد الرسائل الحازمة لموسكو قبل وأثناء انعقاد القمة الأمنية الثلاثية في الأاضي المحتلة والتي كانت تل أبيب تمني النفس بتحقيق خرق في الموقف الروسي من خلال الضغط على موسكو لقطع علاقة سوريا مع إيران, إلا أن الموقف الروسي كان واضحاً من خلال مؤشرين أو تصريحين, الأول للرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء الحوار السنوي مع المواطنيين عندما قال: ((أن روسيا لاتتخلى عن حلفائها ولاتقوم بالمتاجرة بهم)), والتصريح الثاني هو لمستشار الأمن القومي الروسي نيكولاي بتروشيف، عندما أكد من الأراضي المحتلة "إن أي محاولة لتصوير إيران كتهديد للأمن الدولي غير مقبولة, وأن إيران شريك لموسكو في محاربة الإرهاب بسوريا ووجودها شرعي على عكس قوات الاحتلال الأجنبية الآخرة".

رابعاً: الانزعاج الإسرائيلي من عدم قيام الولايات المتحدة الأمريكية من استهداف الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد إقدام الأخيرة على إسقاط طائرة التجسس الأمريكية في مضيق هرمز, وإيراز عناصر المفاجئة والقوة لدى إيران ومايمثله ذلك من امتلاك محور المقاومة عمماً لمثل هذه القدرات وجهوزيتها العسكرية.

خامساً: رغبة نتنياهو أن يثبت مكانته على المستوى الإقليمي بما يساعده على تعزيز علاقاته مع الأنظمة العربية التي حضرت مؤتمر المنامة, ومسارعته زمنياً لتكريس صفقة القرن قبل انتهاء ولاية ترامب والخشية من عدم نجاحه لولاية ثانية, بالإضافة لوجود تيار من صقور الإدارة الأمريكية الذين يؤيدون السلوك العدواني الإسرائيلي في المنطقة عموماً, يقوده مستشار الأمن القومي جون بولتون ووزير الخارجية مايك بامبيو.

الأيام والأسابيع القادمة على صفيح ساخن وبخاصة أن حدة الكباش الدبلوماسي والسياسي قد يدفع في بعض الأحيان نحو اللجوء للقوة العسكرية, في ظل الخشية الإسرائيلية من أي انفتاح أمريكي على إيران, وليس من المستبعد أبداً أن تقدم المجاميع المسلحة في إدلب على توظيف الكيميائي مجدداً ضمن هذه الضغوط.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: