قانون الأحوال الشخصية السوري عثماني العهد!
حبيب أديب شحادة
لا شك أنّ قانون الأحوال الشخصية يَمس حياة كل مواطن سوري، وإقرار أية تعديلات عليه من قِبل مجلس الشعب، يدفعك لمعرفة ما يحدث لهذا القانون المُمتد في الِقدم منذ أيام السلطنة العثمانية. في حين تنظر الدول المتحضرة لقانون الأحوال الشخصية، كأهم القوانين بالدولة، كونه يبقى على صِلة وثيقة بيوميات المواطنين ويحتاج للمراجعة والتعديل، بما يتوافق مع التطورات الحاصلة على مختلف الأصعدة.
تعود جذور القانون السوري الحالي للأحوال الشخصية لنهاية العهد العثماني (1917) والذي صدر برقم 59 تاريخ 7/9/1953، وطرأت عليه عدة تعديلات طفيفة عام 1975، ليبقى بعدها ساري المفعول حتى عام الـ2000، ويأتي التعديل الثاني بالمادة (205) المتعلقة بأحكام المفقود، والثالث عام 2003 والمتعلق بزيادة فترة الحضانة للأم بالمادة 146.
وفي العام 2007 شُكلت لجنة بموجب القرار 2437 لإعداد مشروع قانون للأحوال الشخصية، وانتهت بالـ 2009، لكن مشروع القانون لم يرَ النور بسبب مخالفته للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقيتي الطفل ومناهضة العنف ضد المرأة. وكان الرفض عبر تحرك قطاعات واسعة من المنظمات لرفضه ومنع إقراره كونه لا يُساير العصر ولا يلبي حاجات المجتمع.
اليوم عاد الموضوع للظهور عبر إعلان وزير العدل هشام الشعار "أنّ التعديلات الحالية على القانون ستكون قولاً واحداً لمصلحة المرأة والأطفال". وأنّ موضوع التعديل يتعلق بالتمييز ضد المرأة، موضحاً أنّ التعديل أعطى الولاية للمرأة بعد انتهاء العصبات من الذكور على القاصر، وهذا الكلام لا معنى له، حيث أن هذا التعديل لم ينصف المرأة ولم يكن تمييزياً لصالحها، بل على العكس وكأنه لم يُعدل شيئاً.
كما ناقش مجلس الشعب المواد المُعدلة تمهيداً للإقرار، حيث شملت التعديلات أكثر من 70 مادة وفقاً للشعار ومن أبرزها، - رفع سن الزواج الى 18 سنة للجنسين، للمرأة حق السفر بأطفالها، من حق المرأة وضع شرط العمل في عقد الزواج، تغيير اسم "عقد نكاح" الى "عقد زواج" وادراج عبارة "يحلان لبعضهما" بدلا من "تحل له"، - كما أعطى القانون سلطة تزويج القاصرات للقاضي، وحق الحضانة للأب في حال فقدان الأم.
ورغم التعديل الجزئي بقيت هناك مواد عصيّة على التعديل منها المادة 48 التي تنص" زواج المسلمة بغير المسلم باطل". ما يعني رفض الزواج المدني ورفض المواطنة التي تُعتبر أساس بناء الدول الحديثة. والمادة 12 التي تعتبر شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل، وهذا انتقاص للمرأة. بالتالي يمكن القول إنّ هذه التعديلات وإن حققت للمرأة بعض المكتسبات، إلا أنها ما زالت غير كافية بعد سنوات من الحرب وسنوات من الحراك النسوي السوري.
رُبّما اليوم حان الوقت ليس لتعديل القانون، وإنّما لنسفه من جذوره، فتخيل أن يحكم الناس قانون تعود جذوره لعام 1917 بكل تأكيد لا يوجد مبرر لذلك سوى الفشل في انتاج قانون أحوال شخصي مُتوافق مع التطورات المجتمعية، كنتيجة لسيطرة العادات والتقاليد على المجتمع، وربّما لاعتبارها أهم من القانون بحد ذاته.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: