نشطاء مدعومين.. «خيار وفقوس» الـ«فيسبوك» !
عبر مواقع التواصل الاجتماعي ينشط مجموعة من الصحفيين والأشخاص غير المتخصصين لنشر آرائهم حول قضايا الشأن العام في محاولة منهم لتوجيه رواد موقع "فيسبوك"، من أبناء المجتمع السوري نحو تبني أراء قد لا تكون صحيحة حول القضايا المهمة للسوريين، وغالباً ما يقوم هؤلاء بنشر معلومات قد لا تكون صحيحة بالمطلق، والمشكلة الأكبر هي في حالة التكريس شبه الرسمي من قبل وسائل الإعلام الحكومية وغيرها لوجود هذه الظاهرة، واعتماد هؤلاء الأشخاص كـ "قادة للرأي العام"، دون إفساح المجال لسماع صوت الصحفيين الشباب أو حتى المواطن العادي، فهل الأمر متعمد من قبل المؤسسات الإعلامية الرسمية في سوريا..؟
إنّ العقلية التي تدار من خلالها المؤسسات الإعلامية الحكومية، التي مازالت تقف عند مرحلة التأسيس برغم الإعلان عن محاولات التغيير في الهوية البصرية أو الهوية المعلوماتية والمعرفية لهذه الوسائل، هي ذاتها العقلية التي باتت تكرس وجود ظاهرة "المؤثرين"، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فمثلما من الصعب أن تجد صحفيين موهوبين في مكان صحيح ومؤثر ضمن وسائل الإعلام الرسمية، من الصعب أيضاً أن تجد صحفياً شاباً قادراً على التأثير من خلال تسليط الضوء على ما يقوم به من نشاط عبر مواقع التواصل الاجتماعي إنّ لم يرضى عنه الإعلام الحكومي، ويتبنها ويدعمه، بل إن البعض من الناشطين "غير المدعومين"، قد يلقى عقوبة السجن تبعاً لـ "قانون الجرائم الإلكترونية"، إلا أنّ هذا القانون لن يوقف أي شخصية تمارس "التعبير عن الرأي"، إن كانت "مسنودة"، من قبل جهة ما، حتى وإنّ تعاطت هذه الشخصية مع الأمور العامة بـ "شخصنة"، وانتهكت خصوصية الآخر.
إنّ التشابه الكبير بين إدارة المؤسسات الإعلامية الرسمية وإعطاء الفرص لمن يمتلكون "الواسطة"، مع عقلية توزيع الدعم والتبني لناشري المحتوى عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، تفضي إلى أن الرأي العام في سوريا سيبقى تحت تأثير أشخاص محددين دون سواهم، ومن غير المعروف ماهية الطريقة التي يتم فيها اختيار هذا الشخص أو ذاك لتبنيه ودعمه وإعطاءه "الضوء الأخضر"، ليمارس ما يراه مناسباً، فإن كانت القضية تتعلق بـ "كم اللايكات"، التي يحصدها ما ينشره عبر صفحته الشخصية بغض النظر عن المحتوى وقيمته المعرفية والمعلوماتية، فإن نجمات "السوشال ميديا"، من "الصاعدات"، و"فنانات التعري"، أحق بهذا الدعم، فهم الأكثر حصاداً لـ "اللايك"، وكل ما ينشروه يتحول بسرعة لـ "تريند"، وينتشر بسرعة النار في الهشيم، أما إن كان الدعم والتبني يأتي بناءاً على أهمية ما ينشره من معلومة أو رأي مؤسس على قواعد عقلية وأخلاقية صحيحة، فإن هذا يعني أن تكريس أشخاص دون غيرهم مسألة غير صحيحة، ولا بد من إعادة النظر بها من قبل الجهات الداعمة، وإذا ما كنا نتحدث عبر وسائل إعلامنا الرسمية عن أهمية إعطاء الدور للشباب ومنحهم الحق في التعبير وأخذ الفرصة في إظهار قدراتهم العلمية والفنية والأدبية، دون أن ننفذ ما نقوله، فإن الأمر يمكن وصفه بـ "بيع الحكي"، للجمهور الذي يريد دوما الموازنة بين المتعة والفائدة فيما يتلقاه.
أكثر من عشر سنوات على دخول مواقع التواصل الاجتماعي إلى الحياة السورية، ومازال المجتمع السوري يتلقى المعلومات من ذات الأشخاص دون سواهم، وبات من الضروري أن تعمل وزارة الإعلام قبل سواها على الموازنة في تقديم الدعم والتدريب اللازم لأشخاص من الشبان قادرين على التأثير في أقرانهم من الشباب لكونهم الشريحة الأكثر فاعلية، مع الإشارة إلى ضرورة التفريق بين "الشخصية العامة"، من الفنانين والإعلاميين المعروفين لدى الشارع السوري، وبين "الناشطين"، المدعومين من قبل "فلان"، أو "أبو فلان"، من المسؤولين المتنفذين المستفيدين من وجود ظاهرة النشطاء التي يمكن كـ "سلاح دفاع"، في حال الحاجة.
المصدر: خاص
شارك المقال: