نساء "قسد".. تحت المجهر !
تجهد قوات سوريا الديمقراطية على تصدير "النموذجية"، في إدارة المناطق الشرقية على المستوى السياسي والعسكري والإعلامي، وغالبا ما تركز تصريحات قيادتها خلال زياراتهم للعواصم الدولية على مفاهيم براقة كـ "تحرير المرأة من ظلم داعش – نشر الديمقراطية – التجربة الفريدة من نوعها لقسد في إدارة المنطقة – النضال الأممي ضد الإرهاب – أخوة الشعوب.. إلخ"، إلا أن الواقع المعاش في المنطقة الشرقية يتناقض بشكل كلي مع هذه التصريحات، ولعل قضايا استغلال المرأة والأطفال وارتكاب جرائم الحرب، من أكثر الملفات التي يسكت عنها العالم تلبية للرغبة الأمريكية.
استغلال إعلامي للمرأة
في الهيكلة الإدارية لما تسميه "قسد" بـ "الإدارة الذاتية"، تقحم المرأة في كامل المناصب السياسية الإدارية لتكون شريكة لرجل ما في المنصب، ورأس هرم هذه المناصب هو "الرئيسة المشتركة" لمجلس سوريا الديمقراطية، كما أن "جيهان أحمد" كانت القائد العام لمعركة السيطرة على مدينة "الرقة"، وكذلك "لولوة العبد الله"، وضعت بمنصب الناطق الرسمي باسم معركة "غضب الجزيرة"، التي أطلقت في أيلول من العام الماضي ومازالت مستمرة بهدف السيطرة على مناطق "داعش"، التي كانت تمتد بين ريف الحسكة الجنوبي ومناطق "شرق الفرات" بريف دير الزور، وخلال معارك الرقة كانت الأخبار الرسمية الصادرة عن "قسد" بخصوص السيطرة على أي قرية أو منطقة مهما كبر أو صغر شأنها تؤكد مشاركة "وحدات حماية المرأة" في عمليات القتال، على الرغم من أن هذه الوحدات النسوية لم تكن تشارك بالمطلق في المعارك.
تعتبر بعض المصادر الكردية المعارضة لـ "قسد"، أن توجه الأخيرة للزج بالمرأة في الصورة الإعلامية لأي حدث في المحافظات الشرقية، بما فيها زعم مشاركتها في القتال المفترض ضد تنظيم "داعش"، هو لغاية "رفض التهم التركية الموجهة لها بالارتباط بـحزب العمال الكردستاني الموضوع على لائحة التنظيمات "الإرهابية" الدولية"، إذ تعتبر الأدبيات الخاصة بـ "قسد"، أن "الكردستاني" ظلم تاريخياً من قبل المجتمع الدولي الذي استجاب لرغبات الأنظمة التركية.
وعلى الرغم من أن السبب السابق جوهري في توظيف "قسد"، للمرأة إعلاميا، إلا أن السبب الأساسي من إقحام المرأة في الصورة الإعلامية التي تصدرها "قسد" عن نفسها، هو سعي الميليشيات المدعومة من واشنطن نحو تظهير ما تسميه بـ "النضال الكردي" ضد الإرهاب على أنه "نضال مجتمعي" لا حراك خاص بـ حركات أو أحزاب بعينها، والهدف من ذلك هو التحرك في المستقبل لتقديم طلب مدعوم من جهات دولية لإزالة حزب العمال الكردستاني من "القائمة السوداء" الخاصة بمجلس الأمن، بوصفه أحد الحركات التي قاتلت الإرهاب.
حوامل على الجبهات
خديجة (اسم وهمي لإحدى المجندات في صفوف "قسد")، وكانت قد حملت من أحد المقاتلين في صفوف الوحدات الكردية بطريقة غير شرعية، ونتيجة للأعمال القتالية انتقل هذا المقاتل إلى جبهة ريف دير الزور الشرقي ولم تعد تعرف عنه شيئا، وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "جريدتنا"، فإن خديجة خضعت لعملية "إجهاض" في إحدى النقاط الطبية التابعة لـ "قسد" شمال مدينة الرقة.
ولا تختلف حكاية "ميسون" وهو اسم مستعار أيضا لإحدى المقاتلات عن قصة سابقتها، إذ حملت في العام 2016 من أحد المقاتلين في مدينة "عين العرب" بريف حلب الشمالي الشرقي، إلا أنه أنكر علاقته بها ما دفعها للخضوع لعملية إجهاض، وتقول بعض المصادر الأهلية أن المقاتلات في "قسد" يتعرضن للاغتصاب من قبل زملائهن الذين يستفيدون من تجاهل قيادات الميليشيات لأي شكوى من قبل المقاتلات، فيما يخص قضايا التحرش أو الاعتداء الجنسي بحقهن، والتبرير الحاضر في كل مرة كما تقول إحدى المتعرضات للتحرش الجنسي من قبل زملائها في "الوحدات الكردية"، تنقله عن لسان أحد قياداتها الذي تقدمت له بالشكوى ليرد: «ضرورة التحمل لكون المقاتلين يتعرضون لضغوط نفسية بسبب القتال ما قد يدفعهم نحو التصرفات قليلة الأدب».
وتقتضي الأمانة الإشارة إلى أن "جريدتنا"، لم تتمكن من التأكد من مصدر رسمي في "قسد" فيما يخص الاعتداء الجنسي على المقاتلات، إذ رفض أكثر من قيادي التعليق على هذه المعلومات معتبراً أنها "اتهامات مأجورة" لتشويه صورة "قوات سوريا الديمقراطية"، إلا أن الذاكرة الجمعية لسكان المنطقة الشرقية نحو حزب "العمال الكردستاني" الذي ينتشر منذ تسعينات القرن الماضي في مناطق الجبال الشمالية في العراق وجبال طوروس، تعتبر أن أي فتاة تنضم لـ "الأبوجية"، منبوذة من قبل ذويها لأنها خرجت على العادات والتقاليد المجتمعية، وغالبا لا تعود تلك الفتيات إلى منازل أسرهن لمعرفتهن المسبقة بأنهن سيكن ضحايا لـ "جرائم الشرف".
هامش..
يمكن اعتبار الأطفال من كلا الجنسين، والمرأة، الفئات الأكثر تضرراً من ممارسات "قوات سوريا الديمقراطية" التي تستفيد من غطاء سياسي وعسكري أمريكي عالي المستوى، كما أنها باتت تستفيد من دعم مالي من عدد كبير من الدول الإقليمية كـ "السعودية والإمارات"، إضافة لجملة من الدول الغربية، ويبدو أنها لا تتخوف بشكل جدي من التقارير التي تصدر عن أي منظمة أياً كانت صفتها حول انتهاكها لقوانين الحرب، وارتكابها جرائم حرب وأخرى ضد الإنسانية كما حدث في الرقة، وريف دير الزور الشرقي بحجة قتال الإرهاب، كما أن صرف أي تقرير على أرض الواقع من قبل أي منظمة، يحتاج لقرار دولي لا تعارضه واشنطن، التي هددت في وقت سابق محكمة الجنايات الدولية بفرض عقوبات على موظفيها في حال تم فتح أي ملف يتعلق بممارسات الإدارة الأمريكية في الحروب التي تصدرها إلى دول العالم، وهنا من المفيد التذكير بآخر التقارير الأممية التي تحدثت عن مسؤولية واشنطن بتدمير مدينة الرقة التي راح أكثر من 4 آلاف مدني كـ "ضحايا" للسيطرة الأمريكية على المدينة التي كانت تعدّ عاصمة تنظيم "داعش".
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: