مواطن مُبدع يحافظ على راتبه لتسعة أيام كاملة من شهر أيلول

كريم مهند شمس
يقال إن الحياة ليست إلا مجموعة من الدروس التي يتعلمها الأفراد من الذين حولهم، وهذه الفكرة بالضبط هي التي شجعت "عبدو" على مشاركة تجربته الفريدة مع الآخرين عبر جريدتنا، ليثبت لهم أن الأمل موجود وإن كاد سعر صرف الدولار في السوق السوداء أن يبلغ الـ 700 ليرة سورية.
عبدو شاب حساس، مُبدع، وذي شخصية متفائلة جداً، حَلِمَ طوال حياته المهنية بشيء واحد بسيط، هو بلوغ درجة من التطور الوظيفي تجعل مرتبه يكفيه حتى آخر الشهر أو حتى منتصفه على الأقل، ولكنه فهم مدى استحالة ذلك في ظل الوضع الاقتصادي الذي كانت تعيشه البلاد، وما زالت، ويبدو أنها ستبقى تعيشه للأبد.
ولذلك، قرر الشاب الثلاثيني استبدال أحلامه بالعمل والكفاح، عبر وضعه لخطة اقتصادية صارمة تعتمد على ما يشابه سياسة شد الأحزمة علّه يتمكن من الحفاظ على مرتبه حتى آخر الشهر، وكنجاح مبدئي تمكن "عبدو" من الصمود لتسعة أيام كاملة حتى الآن، مؤكدا نيته بالاستمرار والتقشف التام بإنفاقه حتى بلوغ منتصف الشهر.
وقد نظن هنا أنه امتنع عن الكماليات والرفاهيات ليبلغ هدفه، ولكن لا، فهو يعيش ببلاد يساوي دخل مواطنيها من الطبقة المتوسطة ما يشتري أربع حقائب مدرسية تقريباً، أو سبعة "قطريمزات مكدوس" على الأكثر، أو بضعة ليترات مازوت (المعادلة هنا تعتمد أحد تلك الأشياء وليس جميعها).
"عشت كأحد الرهبان أو أهل التصوف، خفضت طعامي إلى وجبة واحدة يومياً، وتهربت من دفع إيجار منزلي لهذا الشهر، معتمداً تماماً على المشي في تنقلي بين العمل والمنزل، أما زوجتي وأولادي فأرسلتهم إلى بيت جدهم لأتخلص من مصروفهم، مؤكداً لأطفالي أن الحقائب المدرسية هي عدوتهم لهذا العام"، بتلك الكلمات اختصر "عبدو" تجربته تاركاً للآخرين خيار التعلم منها أو عيشها رغماً عنهم على أيّة حال عند إفلاسهم مع بلوغ منتصف الشهر.
هذا وباشر صاحب التجربة بمراسلة موسوعة "غينس" ليكون على أكمل استعداد بحال نجحت تجربته، وبدورنا نتمنى له كل التوفيق في هذا المقال الساخر، ونحث بقية الشعب على أن يقتضوا به ويباشروا بتجربتهم الخاصة، فمن يدري قد تكون أنت عزيزي القارئ الشخص التالي الذي سيصمد لأسبوعين مثلاً أو ربما أكثر حتى.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: