مشهد سوريالي يرافق ضياع "تيتو"
"كلٌّ يغني على ليلاه"،يقال هذا المثل حين يشتكي كل شخص همه، وكأن همه هو أكبر أمر في الدنيا، وفي تفسير آخر، "ليلاه" إشارة إلى أشهر فتاة معشوقة في التاريخ العربي "ليلى"،
اليوم.. "ليلى هي تيتو" .. الكلب المسكين الذي طفش من بيت مالكيه لسبب لا يعلمه أحد إلا هي، لكن هذا "المُصاب الجلل" لم يمر بشكل عابر في ظل انشغال الناس بقضية البنزين وما رافقها من مواقف وتصريحات، بل جاوزها في أهميته، بعد أن حُددت جائزة مالية "مليون ليرة" لمن يجد تيتو الضائع.
كنا نسمع بزمن التناقضات في الروايات والأفلام، وثنائية الضد في المسرح، أصبحنا نعايش ذلك في زمننا، وكأننا في أحد الأفلام السوريالية أو التي يمكن تسميتها السورية "نظراً لكثرة ما شطّ خيالنا في هذا البلد"، فالمشهد كالآتي، أحصنة في طرقات فارغة من السيارات...أناس هائمون ارتسم على وجوههم حالة ذهول مما يمر من أحداث...فتاة تائهة تبحث عن ليلاها، أو عن كلبها المدلل تيتو مع دمعة رُسمت على وجهها حزناً على تيتو الذي ربما ألِف الطريق بعد خلوه من ضجيج السيارات، وشرد هو الآخر يبحث عن ليلاه.
أغني على "ليلاي".. وانت تغني على ليلاك، وهو... وهي.. كل له همه أو فرحه، أو حزنه.
وليالينا..ليس فيها فرح، والبركة في صفحات الفيسبوك التي تصيبنا بفصام قاتل، في توارد أخبارها، فتنتقل بنا من خبر يجحظ العيون عن مؤامرة كبرى تُحاك في الخفا، إلى إعلان عن كلب ضائع مرصود بمليون ليرة لمن يفك مكان اختفائه، لتدعنا تلك الصفحات في حالة توهان وضياع في تصدير العواطف، لكون الإعلان يأتي في ظل ظروف صعبة يعيشها أغلب السوريين، وهو ما يظهر في تعليقاتهم التي كانت بإطار "تهكمي" و عبارات مليئة بالاستغراب، كون الأمر غير معتاد في مجتمعنا، ويأتي في خضم أزمات متلاحقة، وأخبار تدور في فلك الأزمات المعيشية والخدمية.
لعلّ أقسى ما مرّ علينا من مصائب في هذه الأزمة، لا يقارن في الحُطام النفسي الذي نحن فيه، فلم نعد نعلم من هو وجه دمشق.. هل هي تلك الفتاة التي أضاعت كلبها ورصدت ذلك المبلغ لإيجاده..أم أطفال شم الشعلة المرميون على أطراف الطرقات..؟...البعض قد يراها مبالغة في النقد، ولا بدّ من فصل الأمور عن بعضها، على "قاعدة دع الناس تعيش.. وتهرب من الواقع بضحكة"!...طبعاً هي ذلك، لو كانت هذه الضحكة ليست على حساب آلاف الموجوعين والمفجوعين بفقدان أبنائهم.
المصدر: خاص
شارك المقال: