مشعوذون ببدل رسمية وآخرون يفكون السحر عبر "واتس آب"
البحث عن طريقة يقنع بها أهله بالزواج من حبيبته، دفعت "نواف" البالغ من عمره 33 عاماً لزيارة أحد المشايخ الذي اهتدى إليه بالصدفة، ليذهب إليه وبشكل سرّي ليقص عليه الحكاية ويحصل على "حجاب"، و "غصن شجر" كتبت عليه "حروف بالأزرق"، وطلب منه أن يدفن في قبر حديث العهد بعد منتصف الليل، وفعل، لكنه أرغم على الزواج بابنة عمه تبعا لأعراف عائلته المتحدرة من ريف الحسكة الشرقي، وهي أعراف لا يمكن خرقها إلا بالإقناع الذي قد يدفع الشاب أو الفتاة لزيارة المشايخ والمشعوذين.
عزرا القامشلي.. وخليفته
نواف يعترف خلال حديثه لـ"جريدتنا"، أنه سمع من قبل أحد السكان عن ساحر من أصل يهودي يسكن مدينة القامشلي اسمه "عزرا"، وهو قادر على حل مشكلته التي بدأت مع وفاة عمه، ولأن ميراث الفتاة يجب ألا يخرج لغريب، وقع الاختيار عليه ليتزوج منها على الرغم من كونها تكبره بـ 6 أعوام، واشترطت عليه أن يفسخ خطوبته من التي يحبها، فما كان من الشاب الذي حاول الحفاظ على عشقه إلا أن توجه إلى مدينة القامشلي ليبحث عن الساحر الذي يملك مفاتيح سعادته.
في القامشلي وبعد السؤال عن العنوان المقصود، وصل إلى محل تجاري لبيع الهدايا يديره شاب عرف منه أن "عزرا" متوف منذ أكثر من 15 سنة، وهو الوريث لعلم وقدرات الساحر اليهودي الأصل الذي بقي في المدينة وتحول إلى الإسلام منخرطا بين المكون الكردي كواحداً منه، وبعد أن قص العاشق حكايته، عرف أن المسألة بسيطة، وأحس بارتياح حين سمع جملة: "ما رح أخذ ولا ليرة.. روح جيب هالمواد وتعال"، فأمسك الورقة واتجه إلى سوق العطارين ليبحث عن "دم الطاووس – قرن الجحش – ريش ديك حبش – خرزة الغزال"، وهي مواد ما إن تطلبها من أي عطار حتى يبادرك بجملة: "أرجع لعند تلميذ عزرا ولا تعذب حالك".
المجهود المبذول بحثا عن المواد، عاد الشاب الذي يدّرس اللغة العربية لطلاب الثانوية في مدينة الشدادي، إلى "تلميذ عزرا"، ليقول له: "المواد موفرة عندي بس تكلفك ألف دولار"، ليغادر وعلى وجهه علامات الخيبة حتى التقى برجل في "كراجات القامشلي"، فعرض عليه أن يزور الشيخ "خلف" المتدين الذي يعيش في قرية نائية بريف دير الزور الشمالي الشرقي تقع على الطريق الواصلة بين بلدتي "الصور" و "البصيرة"، ليمنحه الحجاب مجاناً، لكنه لم يكسب سوى توفير الدولارات الألف.
المشعوذ الأنيق
إحدى العاملات في حقل الصحافة بدمشق، تعرضت لوعكة صحية شديدة، وخلال إحدى الزيارات قالت لها جارتها: "شوفي شيخ"، لتبدأ بعد ذلك رحلة البحث عن شيخ قادر على فك السحر، وبالفعل وصلت إلى أحد من يصفون أنفسهم بـ "المشايخ"، ليقول لها ما يثير الرعب عن الجن "العمل" الذي استهدفها من قبل إحدى صديقاتها اللواتي يغرن منها لعلاقتها العاطفية ونجاحها في عملها، وأنا هذا "العمل" مدفون جزء منه في قبر والجزء الآخر شربته على يد صديقتها التي رفض "الشيخ" الإدلاء باسمها تجنبا لحدوث أي مشكلة يكون سببها، فهو فاعل خير لا مسبب للشر، بحسب ما يصف نفسه.
وتعترف الصحفية التي تجاوزت عتبة الثلاثين من عمرها، إنها صدقت الأمر في الوهلة الأولى، وبدأت باتباع كل ما يطلب منها، إلا أنها بقيت على حالها، فعرضت الجارة ذاتها أن تبدل الشيخ لتلتقي بأحد الذين يوصفون بـ "السر الباتع"، وهو تعبير شعبي على قدرة الشيخ على فك كل أنواع السحر، وبالفعل، ذهبت لزيارة الرجل الذي استقبلهم ببدلة رسمية وأصابعه مليئة بالخواتم ذات الأحجار الكريمة الكبيرة، ليجلس خلف طاولته ويمسك بورقة وقلم ويبدأ بأسئلة عن أسم أمها وتاريخ مولدها، وأشياء أخرى تساعد على حسابات "البرج الصيني"، والبرج العربي"، ليخبرها أنها يجب أن تلبس خاتما فضيا يحمل حجر زمرد أصلي ومقروء عليه، وأشياء أخرى ستكلفها ما يزيد عن 300 دولار أمريكي، وشكل طلب المبلغ بالعملة الأجنبية صدمة جعلتها تتيقظ لسبب "السر الباتع" الذي يمتلكه الرجل الأنيق.
فك السحر عبر "واتس أب"
إحدى المدرسات اللواتي يعملن في مدينة دمشق، متزوجة من رجل يكبرها بثلاث أعوام، تعرض مؤخراً لضعف في القدرة الجنسية، فصار مجبراً على اخذ المقويات، إلا أن أختها استغربت الأمر بعد إنجاب ثلاث أطفال، فالأمر من وجهة نظرها لم يكن متعلق بعائق مرضي أو سبب بيولوجي، لذا كان الحل الذي تراه مناسبا أن تذهب وأختها إلى "شيخ"، وبعد التواصل مع عدد من المشايخ والفشل الذريع في وصفاتهم التي اعتمدت على طب الأعشاب، سمعن بشيخ يقيم في المغرب ويحل المشاكل عبر برنامج التواصل الاجتماعي "واتس آب"، وبالفعل بدأت عملية التواصل.
المشعوذون يمتلكون قدرة غريبة على رمي بعض الجمل عن حياة زبائنهم ليكسبوا ثقتهم على إنهم يعلمون بالغيب قبل أن يقص عليهم، وبالفعل وثقت المدرسة التي فضلت عدم ذكر اسمها الحقيقي بالمشعوذ، وقال لها إن الحل مرصود بأحد حرزين، الأول يسمى بـ "فرج الضبعة"، وهو مأخوذ من الجهاز التناسلي لأنثى الضبع، أما الثاني فمأخوذ من جسد أفعى سوداء عمرها 40 عاماً بحسب رواية "الشيخ"، واللافت أن الأول يكلف 800 دولار امريكي بكونه نادر الوجود، أما الثاني (حرز الأفعى الأربعينية)، فهو أرخص ويكلف 600 دولار أمريكي، والشحن سيكون عبر شركات الشحن العالمية المعروفة، والتحويل المادي يسبق العمل وعبر "وسترن نيون" حصراً.
تنبهت السيدة إلى أنها لا تمتلك المبلغ، فأقنعت نفسها لاحقا أن الحل لا يكمن عند المشايخ وإنما من خلال المراجعة الطبية التي كشفت عن وجود أذية رضية لدى زوجها تؤثر على القدرة الجنسية، وتمت معالجة هذه الأذية من خلال المتابعة الطبية التي كان زوجها يرفض البدء بها من باب الخجل الاجتماعي، وتقول في حديثها لـ "جريدتنا": "من المؤسف أن يكون المتعلمون من ضحايا الشعوذة، ومن المؤسف أن أكثر حكايا التعرض للمشعوذين سخرية تكون مع المتعلمين الذين يفترض بهم ان يكونوا الأكثر وعيا في مجتمعنا".
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: