Friday November 22, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

ممنوع عليك أن تنهار.. مسموح لك أن تموت!

ممنوع عليك أن تنهار.. مسموح لك أن تموت!

وسام ابراهيم

تقول الأسطورة الإغريقية إن «سيزيف» تمرّد على الآلهة، فعاقبته بحمل صخرة طوال حياته إلى أعلى الجبل، فإذا وصل القمة تدحرجت إلى الوادي، فيعود لرفعها إلى القمة، ويظل هكذا إلى الأبد، فأصبح رمز العذاب الأبدي.

عقاب «سيزيف» الإغريقي لتمرده أسطورة، أما «سيزيف» المشرقي فهو معاقبٌ في تمرده وفي خضوعه.. وهذه ليست أسطورة، وعذابه تاريخي، فهل يبقى إلى الأبد؟.

غزوات، فتوحات، حملات، حروب مقدسة، سلطنات، انتداب، استعمار، نكبة، نكسة، انقلاب، تقدّم، انسحاب، قوة خشنة، ناعمة، ثورة مخملية، برتقالية، وأخرى من كل الألوان، إرهاب، هجمة شرسة، مؤامرات، مناورات، وطاولة مفاوضات تجمع السيد بالسيد، والكاهن بالكاهن، والتاجر بالتاجر، ليحقنوا ماتبقى من دماء أهرقوها، ليستثمروها في المعركة «المصيرية» المقبلة.

الإنسان المشرقي يعيش باستعداد دائم للمعركة المصيرية المقبلة.. كل المعارك مصيرية، مصيرية لرجالاتها الكبار، أما هو فمصيره معلّق دائماً، قبل المعركة وخلالها وبعدها، معلّق للمعركة المصيرية القادمة وهكذا...

ومن سخرية القدر، أن معظم المعارك التي خاضها، أو أخاضوه إياها، كانت لإحياء التراب.. استراد هياكل وقبور وحقوق ولاة الزمن الغابر، أما الأهداف المستقبلية ولسخرية القدر أيضاً، تجاوزت الأهداف الدنيوية من توسّع وسيطرة وبلوغ أماكن «استراتيجية»، فكانت لبلوغ «الجنة».

شعارات دسّها «السادة» أصحاب المصالح، في عقول «العامة» أصحاب العواطف.. شعوب تصحو على صوت الخطاب.. تمشي على وقع الخطاب، وتُشبِع جوفها الجائع من كلّ أصناف الخطاب.

المعارك المصيرية مستمرة، وكل متمرد كافر، إلا الجوع!.. باختصار ممنوع عليك أن تنهار، مسموح لك أن تموت!.

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: