مخاطر الانزلاق إلى الفوضى
فارس الجيرودي
يضع المهتمون بالجزائر اليوم يدهم على قلوبهم، وهم يراقبون الأزمة الجزائرية وهي تدخل منعطفاً خطراً، مع إعلان مجلس الأمة الجزائري تكليف رئيسه "عبد القادر بن صالح" بمهام رئيس الجمهورية بشكل مؤقت ولمدة 90 يوماً كما تنص المادة 102 من الدستور الجزائري، ريثما تجري انتخابات رئاسية جديدة، حيث لم ينتظر المعارضون في الشارع خطاب قائد أركان الجيش الجزائري المتوقع أن يلقي كلمةً عقب تنصيب بن صالح، ونزلوا إلى الشارع معلنين رفضهم خطوة البرلمان، على اعتبار أن بن صالح يعتبر من رموز فترة عهد بوتفليقة، وسبق له أن دافع عنه في وجه معارضيه.
ورغم ما أبداه الحراك الشعبي الجزائري من وعي مستمد من تجربة العشرية السوداء الصعبة، التي اختبر فيها الجزائريون مآسي انفلات العنف المسلح، ورغم ما ظهر من جمهور المتظاهرين من تمييز بين السلطة التي يعارضونها وبين الدولة الجزائرية التي ينبغي الحفاظ عليها، إلا أن الهوة الكبيرة بين آمال الشارع وبين واقع المعارضة الجزائرية التي لا تبدو قادرة على إنتاج بديل أفضل من السلطة الحالية، تثير المخاوف من احتمال خروج المظاهرات الشعبية عن سكة الأمان، وتفجر العنف الشعبي الذي يمكن أن يهدد بنية الدولة على غرار النموذج الليبي، وهو ما تدفع إليه بقوة جهات إعلامية وحزبية مرتبطة بقطر في الجزائر.
في ظل هذه الظروف المعقدة يبدو خيار اللجوء إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، تمثل فيها مختلف التيارات الجزائرية، وتشرف على الانتخابات القادمة، هو الخيار الأكثر ضماناً للمحافظة على السلم الأهلي، مع فتح المجال أمام مرحلة انتقالية ودستور جديد، يكفل تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، والانتقال للنظام البرلماني بدل النظام الرئاسي، إذ تسمح ظروف الجزائر عكس ظروف بلد كسوريا بمثل هذا الخيار، خصوصاً مع غياب شخصية جزائرية قيادية وازنة تستطيع ملء الفراغ الذي تركه غياب عبد العزيز بوتفليقة عن الساحة السياسية.
وتبقى المؤسسة العسكرية الجزائرية هي صمام الأمان الذي يكفل المحافظة على الجزائر وحقن دماء الجزائريين، عكس ما تروج له الراعية المزعومة لأزهار الربيع السامة «قطر» وإعلامها، الذي أدى دوراً خطيراً ومبرمجاً في مشروع إسقاط الدولة الوطنية في العالم العربي، وإشاعة «الفوضى البناءة» التي سبق وبشرت بها وزيرة الخارجية الأمريكية "كونداليسا رايس"، تحت شعارات "الحرية" و"رفض العسكرة".
المصدر: خاص
شارك المقال: