Friday November 22, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

مهنةُ «الصبر» !

مهنةُ «الصبر» !

 رواء باشا

من العالميّ للعربيّ للمحليّ، يضبطُ السوريّ أنفاسَه على عدّاد زمنٍ مختلف يتقاذفُ مع كلّ صباح ما تبقّى من قواه على درب الشقاء.

فبينما يأسرُ هاجسُ "كورونا" عظمى دول العالم، تمسحُ سنون حرب تسع عن جبهة السوريّ كلّ الهواجس، التي لم يبق لنكهةٍ منها إلاّ وخَبِرها، لكن اليوم قد تبدو المعركة لخائضيها مختلفةً بعض الشيء، ولِمُتابعيها مدعاةً للدهشة والاستغراب، فكيف للسوريّ أن يواجه "فيروس" قاتل وهو اللاهث وراء رغيف الخبز!

قراراتٌ ربّما أصبح من الصعب على أيّ سوريّ في الداخل أن يُحصيها، وإجراءاتٌ احترازية من المرض، أطبقت على أنفاسه وجعلت من كرته الذكيّ جواز عبور ليومٍ آخر فقط!

فمعَ كلّ مساء تعلنُ عقاربُ الساعة مع وصولها السادسة، بدءَ حظر تجوال من خطر يحدقُ بجميع البشريينَ على هذه الأرض، لكنّ السوريّ المتفرّد دائماً يجلس حبيس منزله ليقصّ على أفراد أسرته ما عاناه خلال نهارٍ يوصف بـ "الشاقّ" لدى المعظم، ويشرعُ التفكيرَ بالغد المجهول حتى بلقمة العيش، وتمضي ساعات الحظر بإيقاع حذر وبلذّة "الهدنة" على محجورٍ لا يعرف الراحة لطالما تصدّر حلبةً يصارع فيها على البقاء.

وما إن تأتي السادسةُ صباحاً حتى يستعيد السوريونَ أمكنتهم على "طوابير العيش" من غاز لخبز لسكر و رز وزيت وووو، في غياب أو "تناسي" للسبب الذي سيوقف المعاناة "احترازياً" عند السادسة مساءً!

وعلى محيط الدُّنيا، تستنفرُ الصحة العالميّة، وأمريكا تُصبح وتُمسي على هول ما أسموهُ بـ "الحرب البيولوجية"، وتتسابق كبار الدول في ضخّ إعلاميّ على مدار الساعة لـِ تقاريرَ وأرقامَ ودراساتٍ وأبحاث عن تفّشي المرض، وتصريحاتٍ تجيء يوماً بالمبشّرة، ويوماً بالمخيبة.

في الوقت نفسه، يكسرُ "أبو أحمد" القاطن في أطراف العاصمة السوريّة دمشق، المياومُ الذي لايزال يدبّر قوت يومه برفقٍ إلهي ليس إلاّ، صمتَ حظر التجوال بضحكةٍ منه، معلناً عن إيجاد مهنةٍ تناسبهُ وأقرانه السوريين علّها "مهنةُ الصبر"، والتي قد تكون خيارهُ الوحيد، لكنّها لن تقدّم خبزاً للأفواه الخاوية.

حكايةُ "أبو أحمد" لن تنتهي فصولها هنا، فـ "على أهل الصبر تأتي الشدائد!" .

المصدر: خاص

شارك المقال: