محامون بلا ضمير

خاص
يبدو أنّ مهنة المحاماة لم تسلم من تأثيرات الأزمة السورية وتداعياتها التي كانت إيجابية تجاه الكثير من المحامين، والذين اعتبروا الأزمة فرصة لتعبئة جيوبهم من مأساة وكوارث هذا الشعب، خصوصاً فيما تعلق منها بقضايا الإرهاب ومحاكمها التي تحولت لمغارة علي بابا تدرّ النقود باستمرار دون نضوب.
تُعتبر مهنة المحاماة من المهن النبيلة في المجتمع، والتي يسعى ممارسوها لاستعادة الحقوق، لكن ما هو ظاهر اليوم أنّ المهنة تحولت لمهنة النصب والاحتيال، فما أن تدخل أروقة المحاكم باحثاً عن محامٍ يترافع عنك في إحدى الدعاوى حتى يبدأ سماسرة الحقوقيين بطلب مبالغ كبيرة.
يقول المحامي حسان الشحف لجريدتنا بأنّه "لا يوجد معيار واضح ونهائي لتحديد أتعاب المحامي"، ولكن الأسلوب الدارج جزائياً لتقدير الأتعاب يكون بحسب خطورة الجرم وشدة العقوبة، ومدنياً يكون الحد الأقصى للأتعاب 25% من قيمة التحصيل أو الإبراء من المبلغ المطلوب بالإضافة للمصاريف، وفقاً للشحف.
وحيال الأتعاب المرتفعة التي يتقاضاها بعض المحامين يرى المحامي حسان الشحف، "أنّ الأتعاب المرتفعة التي يتقاضاها المحامون تكون نتيجة استغلال الحاجة والإتجار بالعواطف والفساد الإداري والقضائي". بمعنى أنها نتيجة معارف المحامي المتنفذين أونتيجة نصب واستغلال في غياب القانون.
كما أضحت مهنة المحاماة شائعة لدرجة أصبح عدد المحامين أكبر من عدد الدعاوى، وربما أصبحت المهنة وسيلة لكسب المال دون أدنى اعتبار لأخلاقياتها وإنسانيتها، ودون أيّ اعتبار لماهية الظلم الذي يمكن أن يمارسه بعض المحامين في تحويل الجاني إلى مجني عليه.
ولا يمكن وضع كلام نقيب المحامين نزار اسكيف خارج هذا السياق عندما أقر " بوجود عصابات من المحامين أو مندوبي الوكالات تمتهن التزوير والتلاعب بحقوق الناس"، مشيراً لارتفاع نسبة التزوير والنصب في صفوف المحامين بشكل عام.
ويرى المحامي الشحف أن كلام النقيب يندرج تحت ما يمكن تسميته "تبيض الوجه" مضيفاً "أن من لا يدافع عن القانون لا يحق له أن يكون حكماً، خصوصاً إذا كان شريكاً في فساد المهنة، بدل أن يكون مسؤولاً عن مكافحة الفساد وحماية الحقوق". كما أكد الشحف بأن ما أقر به النقيب واقع موجود، ولكن بنسبة عادية قياساً لعدد المحامين الفاسدين مع عدد المحامين المسجلين بالنقابة. حيث تضم نقابة دمشق وريفها والقنيطرة أكثر من 15000 محامي أستاذ.
تبقى مهنة المحاماة نبيلة رغم ما يشوبها اليوم من فساد ومحسوبية، لكنها تحتاج لقانون ينظمها ويضبط آلية عملها وآلية تقاضي أتعابها بشكل دقيق ومُقنن، مع العلم أنه في أمريكا تُعتبر مهنة المحاماة من أكثر المهن صعوبة في الحصول عليها كونها تتطلب شروطا صعبة لدخول مجالها، ومنها أن يكون الشخص حاصلا على شهادة جامعية، وأن يقدم بحثاً متعلقاً بالقانون، ليدخل مجال دراسة المهنة قبل أن يمارسها.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: