Friday March 29, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

مدونة اليوم.. "أحلام كبيرة" مسلسل يجسّد واقعنا في سوريا.. "الخرجية" المخُتلف عليها!

مدونة اليوم.. "أحلام كبيرة" مسلسل يجسّد واقعنا في سوريا.. "الخرجية" المخُتلف عليها!

خاص/ حسن سنديان 

"خود 1500 ليرة وجيب الغراض يلي قلتلك عنون لا تنسى المكسرات مشان السهرة".. هذا آخر ما أذكره من كلام أمي عندما كنت في الصف الثامن تحديداً عام 2005.. كنت أرتدي البدلة المدرسية "الزيتية" أي ذاك الجيل جيل التسعينات والثمانينات... "لا تعطي لصاحب الهونداية أكتر من 50 ليرة".. هذه التسعيرة كانت "خرجيتي" في ذلك الوقت.. ووصية أمي أيضاً.   

 

بعد الخروج من المدرسة.. يجب ممارسة الطقوس الاعتيادية من "سوق الجمعة"، ذاك السوق الملاصق لمنزلي تماماً، أخرج الورقة من جيبي وأبدأ بالتبضع كما قالت لي أمي من الورقة المطلوبة.. أحرص جيداً على أن لا تتسخ بدلتي "الزيتية"، ليس خوفاً من أمي بل من مدرس مادة "العسكرية" آنذاك، ذلك الأستاذ الصارم، خوفاً من عقوبته التي كانت "مسطرتين على اليدين في باحة المدرسة أمام الطلاب كبداية للعقوبة الكبيرة التي تنتهي بالوقوف ساعة ونصف على قدم واحدة في باحة المدرسة أو حتى نهاية الدوام. 

 

أما والدي الذي كان قلما يضحك عند عودته إلى المنزل.. ليس بدافع الغضب بل تلك الشخصية التي كانت تريد ضبط المنزل بقوة.. رغم جميع حيلنا معه إلا أنها كانت تفشل تماماً.. هذا المشهد مشابه تماماً لمسلسل "أحلام كبيرة".."بسام كوسا" ذاك الأب الصارم لأربعة أولاد،.. كان قلما يضحك أيضاً في وجه أطفاله، إلا عندما يحتال عليه الابن الأصغر "رشيد" في الحصول على "الخرجية".. لكن عندما يأخذ الأب القرار، يترقب أفراد العائلة ماذا سيحصل خصوصاً وإن كان هناك عقوبة تجاه أحد أفراد العائلة.. تماماً عندما بدأ بسام كوسا في مسلسل "أحلام كبيرة" يجهر "المسطرة" كي يعاقب "حسن" رامي حنا.. الشاب الذي يحلم بأن يكون رأسمالياً وغني على حساب مبادئه، بعكس أخيه "عمر" "باسل خياط"، الرجل صاحب المبادئ لو على حساب فرصه... "حسن" يجسد نصف شخصيات المجتمع بتمرده على واقعه، وعادات وتقاليد عائلته، خصوصاً لحظة خروجه من المنزل بعد "الفلقة" أي العقوبة، التي نفذها والده بحقه بحثاً عن حياة جديدة. أما الفئة الثانية فهي النصف الثاني من المجتمع السوري، أي الطبقة التي سحقت على حساب مبادئها.. التي تجسد "عمر" حينها. 

 

في المشهد الأخير من مسلسل أحلام كبيرة يقول أبو عمر "بسام كوسا" لابنه عمر "باسل خياط":  "شو ليش عم تضحك" 

-عمر: "على هالدنيا يا أبو عمر" 

- أبو عمر:  "ليش شبها"؟ 

- عمر: "لأنو صايرة بالمقلوب، يلي بيمشي فيا صح بيوقع طب على وجهو وبيتكسّر عضمو و بينكسر راسو، وبتروح عليه.. و يلي بيمشي فيا غلط، بيوقع واقف على رجليه.

مابتروح إلّا ع اللّي قابضا جد..لا الآمال تحققت، ولا الحياة مشيت متل ما كنا نحلم من زمان.. الأحلام كانت كتير كبيرة".. 

 

هذه هي "نوستاليجيا" الحنين التي نشتاق لها نحن السوريون، بعد 11 سنة من الحرب بوجهيها الاقتصادي والميداني، نوستاليجيا الماضي بكل حالاته، الاجتماعية والاقتصادية، الماضي الذي لطالما كان بعيداً عن التطور، بل كان قريب من المجتمع ولقمة العيش المتوافرة أغلب الأحيان.. 

واليوم نحن أمام خيارين "عمر" الطبقة المسحوقة على حساب مبادئها، دون كهرباء وخبز ومقومات بسيطة للعيش، أو "حسن" الطبقة البرجوازية، التي لم تعاني خلال الأزمة في سوريا، بل ربما مرّت عليها مرور الكرام عبر الأحداث التلفزيونية فقط. فأنت أي واحد من بينهما؟

 

 

المصدر: خاص

شارك المقال: