Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

ماذا في خلفيات قرار "ترامب" حول الجولان ؟

ماذا في خلفيات قرار "ترامب" حول الجولان ؟

محمود عبد اللطيف

ينظر لملف الجولان من قبل القوى السياسية الحاكمة والمتنفذة في كيان الاحتلال الإسرائيلي على مستويين، الأول معني بالسياسة الداخلية وكيفية توظيف ورقة الجولان في الانتخابات القادمة، والثاني على مستوى استراتيجي بعيد المدى يتعلق بما يمكن تحصيله من مكتسبات من هذا الملف في حال أجبرت "إسرائيل" على تنفيذ القرارات الأممية القاضية بالانسحاب من مرتفعات "الجولان" دون قيد أو شرط، بوصفها أرض سورية محتلة من قبل الكيان.

في مسألة الانتخابات، يجد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو"، نفسه مهدداً بالخسارة للمرة الأولى منذ 12 عاماً تقريبا، فتحالف اليسار الذي يقوده ثلاثة من رؤساء أركان سابقين مضافاً إليهم وزير سابق، يعد هو الأقرب لكسب الانتخابات، فالتقديرات الداخلية في "إسرائيل" تشير إلى احتمال فوز هذا التحالف بـ 36 مقعداً في البرلمان المعروف باسم "الكنيست"، فيما قد يفوز حزب الليكود الذي يقوده "بنيامين نتنياهو" بـ 33 مقعداً في الحد الأعظمي، ما يعطي أفضلية تشكيل الحكومة لتحالف اليسار، وما قد يضمن ميل الناخب الإسرائيلي نحو انتخاب نتنياهو مجدداً هو تمكنه من تحصيل الاعتراف الأمريكي بـ"السيادة الإسرائيلية على الجولان"، وهو أمر عجز عنه كل من سبقه إلى رئاسة حكومة "تل أبيب" منذ قرار ضم الجولان في العام 1981.

على المستوى الاستراتيجي تبحث "إسرائيل" عما ستكسبه من ملف الجولان في حال أجبرت على الانسحاب منه تبعا لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لذا زادت من الحديث عن "النفط الصخري" الذي اكتشف وجوده في منطقة المثلث الحدودي ما بين "سورية – الأردن – فلسطين المحتلة"، ولعل ثمة ضغوط على الأردن تمنعه من الذهاب نحو استخراج حصته من هذا النفط، لتكون "تل أبيب"، هي أولى من تعمل على ذلك، ما يعني أن الجولان سيربط بملف "أمن الطاقة الإسرائيلي"، إضافة لتوصيفه الحالي بـ"المرتفعات الدفاعية الاستراتيجية عسكريا"، ما سيعني ضرورة أن يقدم لـ"إسرائيل" ما يعوضها في حال قبلت بالتخلي عن الجولان، وهي سياسة كانت "تل أبيب"، اتبعتها خلال فترة التحضير لمعاهدة "كامب ديفيد"، مع الحكومة المصرية في زمن "أنور السادات"، إذ طرحت حينها ملف آبار النفط الموجودة في الجزء الذي احتلته من "صحراء سيناء"، لتحصل على أول نص مكتوب مع واشنطن في تاريخ "تل أبيب"، والذي تعهدت من خلاله الولايات المتحدة الأمريكية بحماية إسرائيل من أي أزمة طاقة عالمية، إضافة إلى تحصيلها لتعهد مكتوب ضمن لإسرائيل التفوق النوعي عسكرياً على كامل الجيوش العربية، ومنذ ذلك الوقت يصب مجهود الصناعات العسكرية الأمريكية في خدمة بقاء إسرائيل.

موافقة الرئيس الأمريكي على الطروحات الإسرائيلية بضرورة شرعنة الاحتلال الإسرائيلي للجولان تأتي في مستويين أيضاً، الأول التعويض على تل أبيب بعد الفشل في تحقيق رغبتها بما تسميه "إنهاء الوجود الإيراني في سوريا"، خاصة وإن اللقاء العسكري الثلاثي الذي جمع وزراء دفاع سوريا وإيران والعراق مؤخراً، أثار المخاوف الإسرائيلية أكثر، أما المستوى الثاني فهو عملية تبادل الدعم الانتخابي مع "نتنياهو"، ففي حين أن الأخير يحتاج لهذا الاعتراف ليدعم موقفه أمام الجبهة الداخلية لإعادة انتخابه، فإن "ترامب" يحتاج للدعم اليهودي في الانتخابات القادمة، بما يضمن تحرك اللوبي اليهودي في أمريكا لدعم ترامب على المستوى الإعلامي والسياسي، فهو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي اتجه نحو تنفيذ الوعد الأمريكي بنقل سفارة واشنطن إلى القدس والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، وسيكون الرئيس الأمريكي الذي خالف كل الأدبيات الأمريكية السابقة، واعترف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، ومع فهم أن ملف "الالتزام بأمن إسرائيل"، هو الأكثر أهمية في حسابات هذا اللوبي، فإن "ترامب" هو من أكثر الرؤساء الأمريكيين الذين نفذوا أفعالا ملموسة بالنسبة للجبهة الداخلية في الكيان الإسرائيلي، بعكس كل من سبقه.

"ترامب" الذي يسعى لتنفيذ كامل ما تعهد به في برنامج الأمريكي، هو أخطر رئيس أمريكي على منطقة الشرق الأوسط، فهو الأكثر استخداما للعنف في سوريا والعراق بحجة محاربة تنظيم "داعش"، ويحاول إنهاء التنظيم وإن كان الأمر من خلال جرائم الحرب والإبادة الجماعية، لإيجاد ساعة صفر يسحب من خلالها قواته من سوريا، بزعم تحقيق النصر على التنظيم الأكثر وحشية في تاريخ التنظيمات الجهادية، لكنه لن يكون قادراً على دفع المجتمع الدولي نحو الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي لـ"الجولان السوري"، والأمر يقاس بناء على التصريحات والمواقف الدولية التي صدرت خلال الساعات التي تلت "تغريدة" ترامب عبر تويتر، إضافة إلى المواقف التي تلت اعترافه بـ"القدس عاصمة لإسرائيل".

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: