Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

مارتن لوثر كنغ .. المقتول عدة مرات !

مارتن لوثر كنغ .. المقتول عدة مرات !

 

"علينا أن نتعلم العيش معاً كأخوة أو الفناء معاً كأغبياء"، مات مارتن لوثر كنغ قبل أن تراوح جملته سنين قليلة بعد نطقها الأول، وصارت عظامه تراباً حين قرر أحدهم متابعة كفاحه، ولم يبق من صاحب "الثورة ضد العنصرية" سوى اسمه في كتب التاريخ، وفي هذا ما يكرر قتل مارتن لوثر كنغ مرات كثيرة بعد قتله الأول .. حتى اليوم في ذكرى ميلاده.

منذ أن نفض البشر التراب عن جباههم، بدأت حضارتهم، فقرروا ستر عوراتهم، وتطويع كلامهم بلغة واضحة، وتقاسم أراضيهم فيما بينهم حتى تكتمل عوامل الحضارة فيما يفضي لعيش مشترك سالم مسالم، لكن هيهات، فالحضارة كانت ترفاً عليهم، إذ أنهم وبعد أن قسموا سبل العيش، بدؤوا بمرحلة تقسيم "من يعيش"، فكانت أنواع ودرجات وألوان، وتوّجت العنصرية نفسها أميرة على ممالك ودول، حتى تحوّلت لدين، وصار يقال عنها في بعض المواطن "يمين"، فشُدّ الوثاق حول رقاب البعض، وذُللت الحياة أمام آخرين.

ونظراً لحاجة الناس للخطابات الجاهزة في عصر "السوشال ميديا"، فقد قدّمت المبررات على أطباق من فضة لكل العنصريين حول العالم، فهذا مجنون وذلك سفيه والثالث مصاب بأزمة نفسية، أما صاحب القضية فنفسيته وأضواء النهار سواء، ليس لهما وجود، ولا مشكلة حولهما، فمراكز التأهيل الاجتماعي تفتح أبوابها في أي وقت، توجهوا إليها ..

"عربي أنا إخشيني"، قالها يوماً يوري مرقدي لحبيبته على سبيل الدفء في قلبه، لكنها تحوّلت فيما بعد لحالة عالمية حقيقية، وصورة نمطية غير قابلة للطمس، وقدراً يصعب الهروب منه أو الالتفاف عليه، فأينما تولّي وجهك اليوم حول العالم، ستفكر في كيفية التعبير عن نفسك دون أن يساء فهمك حين تعرف بأنك عربي، أو أنك في غالب الأمر، لن تسلم من نظرات تربطك بأحداث الحادي عشر من سبتمبر أو بهجمات باريس 2016، أو تفجيرات النادي الليلي في ولاية فلوريدا الأمريكية، وفي هذا ما ينطلق نحو طريق العنصرية الذي جيّشت من أجله كبرى وسائل الإعلام حول العالم، ليخرج في اليوم التالي أحد قادة هذه الدول، ببزته الأنيقة وربطة عنقه المشدودة، داعياً مواطني دولته لعدم الانجرار وراء "صورة نمطية"، ولعلّه يقول في نهاية الأمر " أرجوكم .. لا تضعوا كل العرب في سلة واحدة" !، والحديث هنا لا يقف عند العرب وحسب، لكنهم مثال عما وصلت إليه مسألة العنصرية من تشويه للصورة وضرب في الهوية، وإذا ما وسعنا أفق النظر أكثر، سنجد أن اللعبة الشعبية الأولى في العالم تعاني ما تعانيه من عنصرية لدى الجماهير ضد لاعبين يحملون لون بشرة مختلف عن لون بشرتهم، والمصيبة تكتمل حين تجد العنصرية حضناً لها عند أحد اللاعبين الذين تحوّلوا في أيام "عصر السرعة" لقادة رأي !

لا أحد اليوم يرجو سماحة في كل جنس بني البشر، فالأصل في الناس هو الاختلاف، لكن ثمة أصل واحد ينبع منه الشر، وقد تحدث عنه وأسهب فلاسفة العصور المنصرمة، ولا سيما توماس هوبز الذي أكد أن الإنسان مطبوع على الشر، وهو الأمر الذي يمكن أن تدحضه نظريات يجتمع حولها فلاسفة التاريخ أجمع، لكن كل ذلك لن يعطي نتيجة، أمام موقف واحد لأحد الناس ضد العنصرية القائمة على اللون أو القومية أو النوع الاجتماعي، حينها سيصل الدرب بطريق لوثر كنغ ونضاله الطويل في محاربة العنصرية، وسيعيش لوثر كنغ مجدداً ويحيا الإنسان دائماً.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: