ماقبل الكارثة.. اسألوا "إسرائيل" وأسياد المذاهب وأسياد المال
بعيداً عن أخطاء الداخل الراهنة، وأطماع الخارج المتزامنة، كان لابدّ من استعادة الأحداث السابقة لحرب اليوم، أحداث مرّ على بعضها مئات السنين، تفاقمت بشكل تدريجي، تراكمي، منفصلة عن بعضها أو متصلة، لتجعل من الأحداث التي انطلقت في سوريا ربيع 2011 من أكثر الحروب فظاعة وكارثية في العصر الحديث.
لعل أقرب حدث يمكن الرجوع إليه بداية هو الحرب العالمية الأولى والثورة العربية ضد العثمانيين بدعم إنكليزي فرنسي، مراسلات الشريف حسين — مكماهون، اتفاقية سايكس بيكو التي قسّمت بلاد الشام إلى مجموعة دول، وعد بلفور، والأحداث المصاحبة التي أنجبت "إسرائيل"، والتي تعدّ اليوم مسؤولة بشكل مباشر أو غير مباشر عما يحدث، بعد أن زرعها الغرب في قلب العالم العربي، واحتلت أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان ومصر والأردن، وتسبب وجودها الذي غيّر الأولويات العربية بأكثر من حالة عدم استقرار، ووضعت سوريا على وجه الخصوص في حالة حرب دائمة، أو استنفار للحرب، كما نسجت لها المكائد سواء بانفرادها بالدول العربية لعزل دمشق، أو عن طريق إشغالها في لبنان، أو تغذية اضطرابات داخلية.
في المقابل، لا يمكن إنكار أن الحرب في سوريا حملت طابعاً أهلياً وطائفياً في كثير من تفاصيلها، وهي الورقة التي زادت لهيب النار المشتعلة، أو بالأحرى كانت جمراً تحت الرماد، وهنا يعود شريط الذاكرة إلى مكة بعد الفتح قبل 1400 سنة، والصراع الذي نشب بعد وفاة النبي محمد لوراثة الدولة الإسلامية الوليدة، والذي قسّم المجتمع الإسلامي لاحقاً إلى مجموعات مذهبية، وأنتج الأكثريات والأقليات المذهبية، وتسبب بحروب وويلات في أكثر من حقبة وصولاً إلى اليوم، دون استثناء طباع العرب المتأصلة فيهم قبل ولادة الدين الجديد، فهم منذ القدم ثأريون، مستبدون في عيالهم وعشيرتهم، أهل المودة.
النقود، المال، الفقر، وحاصله الجهل، فلا يمكن إعفاء الأنظمة الاقتصادية التي مرت بها المنطقة والعالم من وِزر ما يحدث اليوم، منذ زمن الإقطاعية، إلى البرجوازية والرأسمالية، وما أوصلتنا إليه من أقلية تستحوذ على معظم الثروة، وأكثرية تعيش على الفُتات!.
كل ما ذكر سابقاً من أسباب بغض النظر عن كونها منفصلة، أو متصلة، متداخلة، متشابكة، معقّدة، مركّبة، صدفة، مدبّرة، أنتجت مجتمعاً تسبقه المجتمعات المتحضرة بأشواط، تائهاً في انتمائه، مفككاً، ضعيفاً، ويبدو مجرد التفكير في إصلاح كل ما سبق كضرب من المستحيل، والذي سيحتاج لعقود وربما لقرون للتخلص من رواسب الماضي، هذا في حال قرر أصحاب المكان العمل على ذلك !.
وسام إبراهيم
بواسطة :
شارك المقال: