معاناة وجائزة بقيمة نقدية واحدة!
حبيب أديب شحادة.
عايش السوريون العديد من القصص مع فئة الخمسين ليرة، منها ما هو مُحرج ومنها المستفز، ومنها ما كان جائزة وحلماً للحصول عليها. وهنا سنبدأ بالمُحرج والمستفز لننهي بقصة الخمسين الجائزة.
بقي لك (50) ليرة... خود بسكوتة أو سامحنا !
على الرغم من أن طريقك واحد إلا أن هناك من يقسمه لنُصفين ويأخذ أجاره مرتين.
ورغم أن فئة الخمسين ليست ذات قيمة كبيرة إلا أنه مع تضاعفها ودفعها بغير محلها كبرت وعظمت. فحتى تصل لمكان عملك اليوم أنت تحتاج لوسيلة نقل توصلك إليه، ولكن هذه الوسيلة الآن باتت تفتح باب المعاناة لسكان المزة خزان 86.
هموم الحياة هنا تتجاوز مسألة كفاية الدخل لتأمين الأكل والشرب، إلى مسألة أكثر إلحاحاً تكمن في كيفية الوصول إلى مكان العمل للحصول على هذا الدخل المحدود. حيث صرح لنا "وسام" أحد ساكني حي المزة 86 خزان بأنه يدرس في الجامعة ويعاني يومياً من عشوائية خط سير سرافيس الخزان كونهم يوصلونه لمنتصف الطريق فقط، ناهيك عن معاناته مع السائقين حول مشكلة توفر الخمسين ليرة، ففي إحدى المرات قام السائق بإعطائه بسكوته بدلاً من أن يُرجع له 50 ليرة بحجة عدم توفرها. ما وضعه في مأزق مُحرج كونه لا يمتلك سوى مئة ليرة، الأمر الذي اضطره لإكمال طريقه مشياً على الأقدام إلى جامعته بكلية الآداب.
وربما كونها منطقة سكن عشوائي. فقرارات المسؤولين لا تطالها ولا تلامس فقرائها. ولا تأخذ بعين الاعتبار احتياجاتهم وهمومهم.
كما أنه لا يوجد أي دور لإدارة المرور في إجبار السائقين على التوجه نحو البرامكة، بل تجدهم يقفون بجانب شرطي المرور وفي مرمى من نظره بموقف بنايات ال 14، كما يقول الأهالي حيث تجد الشرطي يقف وكأن لا علاقة له بمعاناة هؤلاء الناس.
في الوقت نفسه وبحسب التسعيرة الحكومية فإن الأجرة هي أربعين ليرة في حين أن السائقين يأخذون خمسين ليرة وربما 100 ليرة بحجة عدم وجود أو توفر فئة الخمسين.
ورغم طرح المصرف المركزي لإصدار معدني جديد من فئة الخمسين، إلا أنها ما زالت غير متوفرة بالتداول بكثرة، ولم يشعر مواطني المزة 86 خزان بها على حد قولهم. حيث صرح لنا علاء قائلاً " سمعنا بطرح خمسين معدنية في التداول، لكن ذلك لم يُغير شيء بالأمر وحتى الآن لم أرَ الخمسين الجديدة، ولا زلنا نعاني مع السائقين من نفس المشكلة".
علماً ان خط السير لهذه السرافيس هو من منطقة البرامكة الى حي المزة 86 خزان وبالعكس، ولكن ما يحدث ان السائقين اختصروا نصف الخط وقرور من تلقاء أنفسهم إيصال ساكني هذه المنطقة إلى منتصف الطريق فقط، أي إلى بنايات الـ 14موقف الحفار. وبنفس أجرة الخط كاملاً. رغم أن المدة الزمنية من منتصفه إلى نهايته لا تتجاوز العشر دقائق إلى الربع ساعة.
ولكن هذه العشرة دقائق تلخص معاناة المواطنين. من دون مُجيب أو مُستمع يوقف هذه المعاناة ويوصل النصف الأول من الخط بنصفه الثاني ويٌوحّد الأجرة وينهي مأساة المواطن ولو قليلاً. في حين عند وصول طلاب كلية الإعلام إلى جامعتهم، كان لهم موعد مع جائزة من فئة الخمسين.
الخمسين الجائزة!
مقابل قصة الخمسين التي تشكل معاناة وعبء لسكان تلك المنطقة، هناك الخمسين التي تسعى بكل جد للحصول عليها، إنها اسطورة خمسين د. عربي المصري، الشخصية المعروفة اعلامياً، حيث لا نستطيع أن نغفل قصة الخمسين ليرة في كلية الاعلام التي يعرفها جميع طلابه على مر السنوات. تلك الورقة النقدية التي كانت رمزاً بسيطاً للمكافأة من قبله والذي يسعى أي طالب من طلابه للحصول عليها من خلال كتابة وظيفة مُتقنة " خبر- تحقيق- مقال- تقرير". وفي جولة بكلية الإعلام وجدنا أن العديد من الطلاب يحمل في جزدانه خمسين د. عربي وعلى الرغم من مرور سنوات على الحصول عليها لدي بعضهم إلا أنه يخرجها من جزدانه بشيء من الفرح.
ويروي لنا محمد أحد طلاب الأكاديمية السورية الدولية التي يُدّرس بها ايضاً د. عربي المصري، أنه حصل على الخمسين ليرة الموقع عليها بخط د. عربي بعد مُنافسة عليها بينه وبين زملائه طيلة مدة دراسته، ويقول إنها "كانت بمثابة جائزة مهمة بالنسبة لي في حياتي المهنية وما زلت احتفظ بها".
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: