معاناة جديدة .. والمواطن يتلمّس الحلول
استفاق أبو أحمد صباح اليوم أبكر بساعة من المعتاد، ليتقدم بإجازة نصف يوم من عمله ويحمل خطواته مهرولاً صوب أقرب محطة وقود بمنطقته سعياً لتأمين حاجته الأسبوعية من "البنزين"، وذلك استجابة لـ "خبر" قرأه على أحد المواقع "نقلاً" عن وزارة النفط مفاده أن سعر ليتر البنزين سيرتفع الضعف.
وعندما وصل الرجل الأربعيني إلى المحطة اكتشف أنه ليس أذكى بكثير من بقية الشعب الذي احتشد نصفه تقريباً بمحطة البينزين ذاتها، فما كان منه إلا أن اتصل بإدارته ومدد الإجازة لنهاية اليوم، منوهاً لمديره أنه ربما سيحتاج إجازة مشابهة غداً كي لا يضع راتبه هذا الشهر فرق ارتفاع سعر البينزين، ثم نصب خيمته معسكراً على باب المحطة، التي ما لبث أن فهمت "الطبخة" وأغلقت أبوابها بوجه الشعب لتستثمر مخزونها وتبيعه عند ارتفاع الأسعار محققة بذلك ربحاً مضاعفاً.
وكان الخبر الذي نُشر يوم الجمعة على أحد المواقع الإلكترونية، يتحدث عن مضاعفة سعر مادة البينزين، والمميز به أنه نشر بيوم عطلة كافة مستودعات المحروقات في البلاد (بالصدفة)، وهكذا استطاع أن يأخذ كفايته من الوقت وينتشر بعدد من المواقع الأخرى التي نقلته كما هو، واضطر الخبر إلى أن ينتظر بداية دوام الوزارة وأن يشرب الموظف المسؤول قهوته ويصحصح، ثم يفطر ويخبر زميله بتفاصيل سيران مبارح، وبعدها يكذب الخبر. ولأن وزارة النفط "بتعطل" يوم الجمعة أما الصحافة فلا، تسرب الخبر بنجاح إلى جميع شرائح المجتمع السوري التي أسرعت للتعبير عن امتعاضها "فيسبوكياً" وهي في طريقها لأقرب محطة وقود.
وزارة النفط كذبت من جانبها الخبر جملة وتفصيلاً مرجعة سببه إلى "دناوة نفس" الوسائل التي نشرته سعياً للشهرة وافتعال الأزمات وعرقلة سير أعمال الحكومة، وبالرغم من كون خبر كهذا يندرج تحت قائمة "أخبار الصحافة الصفراء" حتى تثبت صحته، لكن إغلاق محطات الوقود أبوابها زاد من انتشار المعلومة وحولها من مجرد شائعة إلى تسريبات هامة.
وبغض النظر عن هذا وذاك، فإن بيان وزارة النفط لم ينجح بتخفيف الازدحام ولو سيارة واحدة، فسوابقها برفع الأسعار المفاجئ جعل الشعب بأسره يصدق منشوراً فيسبوكياً بريئاً هدفه جمع اللايكات فقط، ولو أنها أحسنت التنسيق مع محطات الوقود الخاصة ومنعتها من الإغلاق لما كانت أمة الله كلها الآن تنتظر دورها على زوايا الكازيات، ما لم يكن هذا الخبر يحمل بطياته شيئاً من الصحة طبعاً.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: