Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

لماذا لاتثق دمشق بالأتراك؟

لماذا لاتثق دمشق بالأتراك؟ QMedia Production



 وسام إبراهيم

نتيجة العداء الحاصل اليوم بين دمشق وأنقرة، أخذت موسكو دور الوسيط، انطلاقاً من ثقة سوريا بالطرف الروسي وليس التركي، حيث ترى دمشق أن الروس قطعوا الطريق على المخططات سواء التركية أو الأمريكية في الشمال، ويلعبون دوراً في سحب الذريعة أو الحجة الكردية من أجل تهيئة الوضع باتجاه الانسحاب التركي، وهو ما جعل الرئيس السوري بشار الأسد يقيّم إيجابياً الاتفاق الروسي – التركي الأخير حول سوريا.

تعود جذور عدم ثقة سوريا بسياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوريا إلى الأيام الأولى من الأحداث التي اندلعت ربيع 2011، والمواقف العدائية لأردوغان من القيادة السورية، والتي تطورت بسرعة من الانخراط السياسي في الأزمة إلى الانخراط العسكري الغير مباشر ثم المباشر.

منذ البداية قامت حكومة "العدالة والتنمية" بتدريب المنشقين عن الجيش السوري على أراضيها، وأشرفت مخابراتها على إنشاء وتدريب ميليشيا "الجيش السوري الحر"، وزوّدتها بالأسلحة والمعدات العسكرية الأخرى، ولاحقاً دعمت "جيش الفتح" وهو تحالف ضم جبهة النصرة أحد فروع تنظيم القاعدة في سوريا بالإضافة إلى "أحرار الشام"، و "الحزب الإسلامي التركستاني" المنتشرة بقوة في ريف جسر الشغور.

سعت تركيا منذ البداية لإيجاد موطئ قدم لها في الأراضي السورية، وطالبت في شهر آب عام 2012 بإنشاء منطقة عازلة في الشمال السوري، ومن هنا بدأ يتضح سيناريو الأطماع التركية في سوريا، والتي تعني فرض حظر جوي على المنطقة، إضافة لتدخل عسكري، وهو ما لم يتحقق في ذلك الوقت، وفي نفس العام أعطى البرلمان التركي الموافقة على التوغل العسكري التركي في سوريا بحجة حماية أمنها القومي، كما اعترفت بـ "الائتلاف" كممثل رسمي للشعب السوري.

نشر ملف صوتي في آذار 2014على "يوتيوب" لمسؤولين أتراك يناقشون عملية تؤدي إلى غزو سوريا، وفي شباط 2016 قصفت تركيا مناطق لقوات سوريا الديمقراطية، وقالت إن هذه الميليشيات تشكل خطراً على أمنها القومي، وبدأ الغزو التركي في شهر آب عام 2016 في مدينة جرابلس، ثم الباب وأعزاز، وبعد دخول تركيا لمناطق واسعة في الشمال السوري احتلت مدينة عفرين في كانون الثاني عام 2017، واليوم توغلت مجدداً في مناطق حدودية بذريعة إبعاد الخطر الكردي وإعادة توطين اللاجئين.

لاشك أن تركيا تبحث عن نفوذ دائم في سوريا، كما فعلت شمال قبرص، وتشير أفعالها إلى أهداف احتلالية، وإحداث تغيير ديموغرافي عبر إفراغ المناطق التي استولت عليها من سكانها الأصليين، وتوطين عوائل المسلحين التابعين لها في تلك المناطق.

لم يقتصر الأمر على احتلال الأراضي والتغيير الديمغرافي بل امتد ليشمل تغيير الكتب المدرسية ولافتات الطرق والمؤسسات العامة التي باتت تعج باللغة التركية، بالإضافة تشكيل مؤسسة عسكرية متكاملة في الشمال السوري، واقتحام المنطقة من قبل الشركات التركية، وتبديل أسماء المناطق.

باختصار، استغلت تركيا ميليشيات المعارضة لتحقيق أهدافها الخاصة بالسيطرة على أراضٍ سورية، وهي التي تحاول بقيادة أردوغان استعادة الحقبة العثمانية في سوريا  وقد ادعت أكثر من مرة وجود وثائق تؤكد أحقيتها في بسط سيطرتها على جرابلس ومنبج ومناطق في إدلب، ويكفي بهذه المراجعة للأحداث القريبة بالإضافة لمقاربتها لسياسات تركيا في سوريا منذ الحقبة العثمانية للتأكد أن تركيا سواء كانت أتاتوركية أو عثمانية دائماً ما تحاول انتهاز الفرص لانتزاع أراضٍ سورية، فنتائج معاهدة لوزان الثانية واتفاقية سلخ لواء اسكندرون ماتزال قائمة وماثلة في الذاكرة السورية الحيّة، ويبقى أن تستطيع سوريا كبح جماح تركيا في الشمال، وتخرجها بالتعاون مع روسيا من كامل الأراضي التي احتلها.


المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: