لإعادة الإعمار ...سوريا بحاجة إلى مليار دولار لتأمين «الأسمنت»
نور ملحم
بعد سنوات طويلة من الحرب وعودة الأمان لمساحات واسعة في سوريا، وبالتزامن مع تصريحات لمسؤولين دوليين حول قرب انتهاء الحرب في سوريا فعلياً، بدأ قطاعي الدولة والخاص بالترويج لفكرة إعادة الإعمار، التي أثارت ردود فعل متباينة بين دول رحبت بالفكرة وأعلنت استعدادها للمشاركة في إعادة الإعمار، وبين من انتقد ذلك.
70% من المنازل مدمرة..
وفي الوقت الذي تؤكد العديد من الإحصائيات الرسمية أن 70% من المنازل والمؤسسات والمعامل دمرت نتيجة الأعمال "الإرهابية"، لم يخفي مدير عام شركة الأسمنت المهندس "أيمن نبهان" في تصريحه لـ"لجريدتنا" عدم وجود تقديرات رسمية لحجم الطلب لمادة الأسمنت لإعادة الإعمار، لافتاً إلى أن انتاج سوريا من الإسمنت قبل الأزمة كان يقارب 5,300 ملايين وثلاثمئة ألف طن بينما انخفض اليوم إلى النصف نتيجة تخريب عدد من الشركات وسرقتها والسطو عليها من قبل التنظيمات المسلحة، إضافة للعديد من الأسباب التي أثرت بشكل سلبي على إنتاج الشركة منها أن ارتفاع اسعار المشتقات النفطية والطاقة.
وبحسب "نبهان" فإن سوريا بحاجة لأكثر من 17 مليون طنّ سنوياً من الإسمنت في مرحلة إعادة الإعمار، لذلك لدينا فجوة بالإنتاج والتي تقدر بأكثر من 13 طن ولكي نتجاوز هذه الفجوة على الدولة دفع مليار دولار في سوق الأسمنت.
واقع شركات الأسمنت
وبشأن واقع الشركات المنتجة والمتوقفة عن الإنتاج بين "نبهان" أن عدداً من المعامل توقف ” لعدم وجود جدوى اقتصادية منها وحفاظاً على البيئة وبات الانتاج يقتصر على ثلاثة معامل فقط هي "طرطوس وعدرا وحماة"، وهي تعمل بكامل طاقتها الانتاجية لكنها غير كافية وأصبحت خطوطها متقادمة تحتاج إلى صيانات دائمة، ومستمرة ويعاني القطاع العامّ من صعوبات في تأمين قطع الغيار نتيجة تشديد العقوبات على سوريا، ممّا يضطرّهم لشرائها بطرق التفافية من السوق السوداء بأسعار مضاعفة، أو الاستعانة بشركات للدول الحليفة لتأمين الصيانة.
أما واقع مشروعات الإسمنت في القطاع الخاص فالحال مختلف، والعدد الإجمالي للمشاريع المشملة والمرخصة والمتوقفة 33 مشروعاً، منها مشروع واحد فقط منفذ ومنتج هو إسمنت البادية بطاقة إنتاجية سنوية 1.65 مليون طن سنوياً.
الأنقاض وإعادة التدوير
الكارثة التي حلّت على المساكن والبنية التحية فهي كبيرة جداً، وهي تشكل عائقاً كبيراً لرجوع الكثير من اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم الأصلية، لأنهم فقدوا مساكنهم ولم يبق لديهم أي مكان يمكنهم اللجوء اليه، إضافة إلى الأضرار الجسيمة التي أصابت النظم وشبكات الطرق والمدارس والمستشفيات وكل المرافق الاقتصادية، في ظل عدم توفر أبسط المواد لإعادة بناء حجر فوق حجر، رغم توفر المادة الأولية لها في سوريا بحسب تصريح أهل الكار لنا.
عادة ما تُجرى عمليات إعادة تدوير مخلفات البناء والهدم في الدول المتقدمة حول العالم، للاستفادة من المواد الناتجة عنها، إذ يمكن استثمار الإسمنت في الأنقاض لإعادة استخدامه، والحجر والبحص لتوظيفها في ترميم وتعبيد الطرقات، والبلوك أيضاً، ولكن مع غياب الإحصائيات الدقيقة والرسمية عن حجم الأنقاض الذي خلفته الحرب في المدن والمحافظات السورية، بالوقت الذي تحضر فيه التقييمات لتحل محل تلك الإحصائيات توقعات تحدثت عنها الحكومة حيث قدرت 40 مليون طن لأربع سنوات من الحرب وهذه الكمية تشكل أكبر مبرر اقتصادي لنشوء صناعة تدوير أنقاض حقيقية ذات جدوى، ولكن عملية إزالة الأنقاض معقدة بسبب حاجتها للفرز من أنقاض يعاد تدويرها وأخرى لا يعاد تدويرها، كما يعتبر مشروع إعادة تدوير الأنقاض من المشاريع الحديثة في العالم والتي تهدف إلى الحفاظ على البيئة.
ليبقى الأمل في إعاد الأعمار من خلال الفرص الاستثمارية والتي تحتاج إلى تمويل كبير لا يقل عن مليار دولار، ولذلك فإن المؤسسة العامة للإسمنت ومواد البناء تقترح العمل وفق صيغة العقود التشاركية، بحيث يتم تأمين التمويل من المستثمر مقابل حصة سنوية من الإنتاج.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: