Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

لبنان.. إقطاع سياسي وتوافق هش

لبنان.. إقطاع سياسي وتوافق هش

وسام إبراهيم

لبنان دولة صغيرة على الشاطئ الشرقي للمتوسط، لكن التعقيدات السياسية فيها تعادل التعقيدات السياسية في دولة كبرى.. لعل العبارة الأكثر رواجا وتكرارا هناك "لا أحد يعلم ما سيحدث غدا"!.

تحكم لبنان حكومة تشترك فيها قوى سياسية متناحرة، فيما يعرف بنظام الديمقراطية التوافقية، التي تقسم السلطة بين الطوائف الرئيسية فيها، حيث حق الرئاسة للمسيحيين الموارنة، وحق رئاسة الوزراء للمسلمين السنة، وللمسلمين الشيعة حق رئاسة البرلمان، نتيجة اتفاق الطائف الذي وضع حدا للحرب الأهلية في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، فكانت الديمقراطية التوافقية نتيجة للنزاع والتعدد الطائفي ولم تكن خيارا لبنانيا، وهي ديمقراطية مثيرة للجدل حيث الوراثة السياسية هي السمة العامة للأطراف المسيطرة في دولة أقل طرف له سيطرة عليها هم اللبنانيون!.

ويظهر أن الوراثة السياسية والإقطاع السياسي صارت ركنا أساسيا في الحياة السياسية في لبنان، أبرزها الوضع القائم في الحزب التقدمي الاشتراكي بزعيمه الحالي وليد جنبلاط الذي ورث الزعامة من أبيه كمال جنبلاط، ويبدو أنه متجه نحو تنصيب ابنه تيمور خلفا له، كذلك تيار المستقبل الذي ورث زعامته سعد الحريري عن أبيه رفيق الحريري، كما وصل إلى رئاسة الحكومة بالمعية!.

وأما حزب الكتائب فما يزال مملوكا من عائلة الجميل، منذ تأسيسه على يد بيار الجميل، كذلك عائلة رشيد كرامة الذي شغل منصب رئيس الوزراء ثماني مرات، وبعد اغتياله تسلم أخوه عمر زمام أمور العائلة وأصبح رئيس وزراء، وأيضا عائلة فرنجية ومنها الرئيس السابق سليمان فرنجية، وقد ورث عنه طوني فرنجية زعامة العائلة بعد اغتياله، ثم سليمان ابن طوني، فيما يقال إن الرئيس ميشال عون أورث زعامة التيار الحر لصهره جبران باسيل لعدم وجود أبناء ذكور لديه، ولاتزال وجوه جديدة تنضم إلى لائحة الوارثين السياسيين في الأحزاب والحكومة والبرلمان. في الحقيقة يعد الاغتيال السياسي الفاعل الأساسي لتطورات لبنان السياسية، وتأثيره منذ الاستقلال حتى الآن أقوى من تأثير الفعل الانتخابي، وقد كان اغتيال شخصيات سياسية مثل الرئيس رينيه معوض عام 1989، ورئيس الحكومة رفيق الحريري عام 2005 من أهم الاغتيالات التي فعلت فعلها في الحياة السياسية بلبنان.

وإذ يظهر أن لبنان اليوم العاجز عن تشكيل حكومة يعيش هدوءا نسبيا، إلا أن هذا البلد سريع الاشتعال، بسرعة تعادل سرعة تحرك الأطراف السياسية فيه باتحاهات متعاكسة، منساقة وراء أجندات وتحالفات خارجية، تبقي لبنان دائما على فوهة بركان، وتهدد بانفجار الوضع داخله في أي لحظة.

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: