Saturday November 23, 2024     
00
:
00
:
00
  • Street journal

لا عمل بلا خبرة ولا خبرة بلا عمل.. وحلها إذا بتنحل

لا عمل بلا خبرة ولا خبرة بلا عمل.. وحلها إذا بتنحل

كريم مهند شمس

 

رمى توفيق أربع أوراق A4 على الرصيف وجلس محتاراً أمام باب شركة أجرى فيها مقابلة عمل، محاولاً تحليل معضلة وجودية قدمها له موظف الـHR، وبعد التفكيك والتركيب تساءل: "كيف لي أن أحصل على الخبرة إن لم أعمل، وكيف أعمل دون خبرة، لا بد وأن يكون هناك منفذاً لتلك الدائرة المغلقة، دون أن أضطر للتغيب عن الجامعة مقابل فرصة عظيمة وهائلة (للتدرب) بإحدى الشركات التي ستعلق على كتفي أثقل مهامها لقاء أجر زهيد لا يكفل لي أدنى مقومات الحياة، هذا إن وجد، أي لا والله مو زابطة!. 

ثم تفحص مهزوماً أوراقه الأربع؛ سيرة ذاتية خالية من التجارب السابقة بمجاله، وشهادة جامعية في الهندسة المعمارية وورقة تسجيل بالدراسات العليا، مصفوفة إلى جانب شهادة تدريب يتيمة تمكن من خوضها لأنها مجانية قدمها أحد المعاهد كعينة ترويجية لدوراته التي تحتاج لبيع كلية فيما لو أراد أبناء الطبقة المتوسطة تلقيها.

وفي ظل غياب قانون العمل الطلابي، وعدم التزام الجامعات ببرامج تدريبية في سوق العمل لطلابها، وتحديداً في الكليات التطبيقية مثل الطب والهندسة والإعلام، والتي تعد بالمناسبة الأكثر تطلباً أكاديمياً من معدلات عالية ولغات في المرحلة الثانوية إضافة لنسبة الحضور الإجبارية ودرجات العملي والبحوث وغيرها خلال سنوات الدراسة، بعد ذلك كله يبقى الشباب محرومين من الحصول على الخبرة المطلوبة للعمل في مجالات سعوا جاهدين لبلوغها.

وهنا على من أراد الاستقلال عن ذويه مادياً أو أجبرته الظروف على ذلك، أن يقايض جامعته بسوق العمل، ويدخل كمتدرب بداية ثم يصعد درجات التسلسل الوظيفي ببطء شديد ويتقاضى أدنى الأجور لتستنفع منه الشركات، مهملاً تحصيله العلمي ومعدله وحضوره، أو يحل مشكلته بطريقة "خد وعين" كأن يستلم نوبات مسائية أو نصف دوام، وغالباً ما يكون العمل خارج نطاق شهادته في أحد المحال والبقاليات والحراسة أو في مهن يدوية كالدهان والحدادة وغيرها.

ولكوننا بلغنا الجزء السحري من المادة، وهو النتيجة الجاهزة التي يفترض تقديمها في الختام، كأن ندون قائمة بأفضل عشرة نصائح لتحاشي تدمير مستقبل الشباب، أو تأليف كتاب "اعرف كيف تستفيد من شهادات الشباب في أسبوع"، أو ببساطة نقدم نصيحة بريئة وشفافة تسمى بقانون العمل الطلابي سالف الذكر، وهو مطبق إلى حد ما في جميع دول الغرب، حيث يعفى صاحب العمل الصغير والمتوسط من بعض ضرائبه السنوية لقاء توظيفه لطالب جامعي بساعات لا تتقاطع مع دوامه الجامعي مقابل أجر معين مقبول، أما الشركات الكبيرة فتحظى نظير ذلك على امتيازات حكومية بما يخص الضرائب والفواتير ناهيك عن الصورة الذهنية الطيبة في محيطها الاجتماعي، وبالطبع تلاحق قانونياً بحال استغلت طلاب الجامعات.

  

 

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: