كولا بـ «السمن العربي» وكنافة معجونة بـ«زمزم» !
محمود عبد اللطيف
يبدو أن انتاج المياه الغازية "الكولا"، في سوريا بات يسعر من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على أساس "الخيار والفقوس"، فالعبوة المنتجة من قبل أشهر معامل انتاج هذه المادة والمقام في اللاذقية تباع بسعر ١٠٠٠ ليرة سورية متذرعين بسعر "الصرف الوهمي"، للدولار الأمريكي، إلا أن ثمة مادة منتجة من قبل أحد المعامل في "محافظة اللاذقية" تباع بسعر ٤٥٠ ليرة، وللمفارقة فإن عبوة هذا المعمل أكبر من قرينتها المنتجة لدى المعمل الشهير، وتتسع لكمية أكبر، أي إنها تستهلك كمية أكبر من المواد الأولية في تصنيع العبوة المعدنية والمادة الموضوعة بداخلها.. فماذا يفسر الأمر..؟.
لا شك أن الحجة التي قد يسوقها أصحاب المعمل ذي الأسعار المبالغ بها حد "السرقة الموصوفة"، بأن معملهم يأخذ امتيازات لشركات عالمية، لذا فالفارق مبرر، لكن المعمل نفسه يبيع منتجاته ذات الأسماء المحلية بسعر المنتجات ذات الأسعار العالمية، ما يجعل من تبريره السابق غير صحيح بالمطلق، وقياسا على إن المواد الأولية التي تدخل في تصنيع المياه الغازية هي ذاتها في كل المصانع، "عبوات مز الألمنيوم أو البلاستيك - مياه - مركبات وطعوم مصنعة"، فما المبرر لهذا الفارق بالتسعير.
من المنطقي أن يكون سعر "فنجان القهوة"، مختلف ما بين مقهى شعبي، ومقهى ذو نجمات، فثمة فارق بالضرائب بين الشعبي من المطاعم والمقاهي ونظيرتها ذات التصنيف السياحي التب يرتداها حاليا أصحاب الدخل المجهول المصدر (فاسدون، تجار حرب وأزمة، المسؤولون وأبنائهم، والأثرياء"، وقد يضاف إليهم عاشق يحاول إبهار حبيبته وتدليلها فيخسر نصف راتبه خلال ساعة في مثل هذه المطاعم، لكن من غير المبرر أن يكون ثمة فارق يصل ١٥٠٪ بين معمل وآخر، إلا إذا كان ثمة تصنيف للمعامل بنجوم صناعية تشابه النجوم السياحية، فالضرائب تقاس على الأرباح المحققة بالنهاية.
أن وزارة التجارة الداخلية التي تدعي "حماية المستهلك"، عليها أن تحد صيغة لإجبار هذا المعمل على النزول من برجه العالي ليدخل السوق وفقاً للقدرة الشرائية للمواطن السوري، إلا أن كانت تمتلك تبريراً لهذا الفارق بالتسعير الذي تضعه تحت كائلة العقوبة، فمن يبيع عبوته بمبلغ ٤٥٠ ليرة سيخالف قطعا لو تجاوزها ما يعني إن الوزارة حددت له هامشا ربحياً يمنعه من تحقيق ثراء فاحش، فلما لا يطبق الأمر على المعمل الذي يبيع عبوته بمبلغ ١٠٠٠ ليرة سورية، هل يسمح له بتحقيق هذا الثراء على اعتبار أنه من حيتان السوق وسواه مازالوا وسيبقون من الأسماك الصغيرة..؟.
يشابه الأمر مواد أخرى، فصحن الكنافة عند محل شهير يمتلك فروعا كثيراً يباع بسعر "٧٠٠" ليرة سورية، وهو يصنعها بمواصفات لا تختلف كثيراً عن المحال التي تبيع ذات الصحن بسعر يتراوح بين "٥٠٠ -٦٠٠"، ليرة سورية، فهل للأمر تفسير منطقي عند الوزارة التي من اسمها يفترض أن تحمي المواطن من النهب العلني، أم أن للأمر تبريرات أخرى، من قبيل أن معمل اللاذقية يصنّع "كولا بالسمن العربي"، ومحل الكنافة الذي قصدناه يعجن حلوياته بـ "ماء زمزم".
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: