Saturday June 7, 2025     
00
:
00
:
00
  • Street journal

كلام مكرر .. "فقط في سوريا"

كلام مكرر .. "فقط في سوريا"

 

عبد الغني الحمد

مواطن سوري بسيط يقطن في دمشق، كان يعيش قبل 2011 في حالة تعرّف به على أنه رجل متوسط الحال، فكّر مرة كيف يمكنه انتقاد الحكومة، لكنّه سرعان ما أيقن كفره بعطاءاتها، وجحده لأفضالها، كيف لا وهو الذي يعيش في بلد تتوافر فيه كل مقومات العيش بأسعار زهيدة مقارنة بدول الجوار؟!، لم يطاوعه قلبه رغم معاناته في كثير من الأشياء الأخرى، لكنّه بعد سبع سنوات قرر أن يهاجم الحكومة مجدداً، إلا أنه صُدم حين قرأ خبراً مفاده "فقط في سوريا .. نفقات التربية والتعليم العالي والصحة مجاناً".

السيد عماد خميس رئيس الحكومة السورية، أكد في تصريح له خلال اجتماع لجنة السياسات لمناقشة واقع سوق التأمين في سوريا، أن كلفة الخدمة الصحية المجانية التي تقدمها الدولة تصل إلى 250 مليار ليرة سورية، وأسهب في القول "سوريا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تدفع نفقات التربية والتعليم العالي والصحة مجانا".

ربما غاب عن هذه الجلسة أمور كثيرة تخص اهتمام الشارع السوري، فهي وكما هو مقرر لها، خاصة لمناقشة واقع قطاع التأمين في سوريا للقطاعين العام والخاص، وتحت هذا الاسم وللنقاش في أبعاده، عقدت هذه الجلسة، ولا أحد كان ينتظر أن يناقش المجتمعون أزمة الغاز مثلاً، لكن ما يثير الاستغراب حقاً هي الحالة التي وصل إليها بعض المسؤولين في سوريا حين يسألهم أحد عن إحدى السلبيات التي يعاني منها المواطن السوري، أو حتى إن لم يسأل، فسرعان ما يفاجئك بحذاقته في الرد وبلاغته في الكلام "نحنا البلد الوحيد بالعالم بمجانية التعليم والصحة" .

الحديث هنا يشمل الكثير والكثير من المسؤولين السوريين، فأيّما فرصة سنحت لسرد هذه المقولة، استغلها المسؤول أحسن استغلال، لكن رد المواطن لا يكون عبر المنابر، فلا درجات أمامهم كي يصعدوا من خلالها، ولا عبر التصريحات البراقة، فالكاميرات لا تلاحقهم إلا اللهم إن أردات أن تملأ وقتاُ مخصصاً لها، إنما يأتي الرد من خلال الطوابير التي تعجّ بالناس للحصول على أبسط مقومات العيش، "غير المجانية" ولن ندخل هنا في الحديث عن المواد المدعومة والتصريحات المتوائمة مع تصريحات "المجانية"، فالـ"مجانية" و"المدعومة" باتت بحاجة في كثر من الأحيان إلى دعم من نوع آخر حتى يتمكن المواطن من الحصول عليها.

وبالحديث عن مضمون الاجتماع الخاص بتطوير قطاع التأمين في سوريا، فإن أبرز المقومات التي يمكن أن تساهم في عملية التطور هي تمكين الخريجين الجامعيين في مواطن العمل، والسعي للاستفادة من الطاقات الشابة، الجديدة والمجدّدة، وفي ذلك ما يمكن أن يساهم في ضرب عصفورين بحجر حكومي واحد، أفكار ورؤىً شبابية جديدة من جهة، وتوفير فرص عمل للخريجين الجدد من جهة أخرى، وذلك من خلال التشبيك مع شركات التأمين، لا سيما وأن الاجتماع أكد على نقص الكوادر المتخصصة في سوريا.

ويضاف إلى ما سبق، النقطة الأهم في الموضوع، وهي ضرورة زيادة الوعي التأميني لدى المواطن، لا سيما وأنه المعني الأول بالأمر، إضافة للمنافسة الصحيحة القائمة على أصول المهنة، وبعيداً عن محاولة كسر الأسعار واحتواء الأزمات وما يمكن أن ينجم عن ذلك من عواقب وخيمة، فلا مكان لأزمات جديدة، وكما يقول المثل الشعبي "قلبي من الحامض لاوي".

المصدر: خاص

بواسطة :

شارك المقال: