جهود فردية وأخرى حكومية.. لكنها لا ترقى لحجم "المُصاب"..
جودي دوبا
"داني ميلانة" الذي ترك مقعده الدراسي في الجامعة ليتطوع في صفوف الجيش السوري، كان قد أصيب برصاصة قناص في عام 2012 في مدينة "زملكا" بريف دمشق، ما تسبب له بفقدان القدرة على تحريك أطرافه السفلية، يقول في حديثه لـ "جريدتنا"، "الدولة قدمت له تأميناً صحياً وتعويضاً وراتباً تقاعدياً"، ولا يطالب داني الدولة بأي شيء له فهو على حد قوله أخذ كل مستحقاته، لكن يناشدها الاهتمام بجرحى القوات الرديفة، إضافة إلى جميع حالات العجز بنسبة تحت 80% ..
وقد صدر مرسوم تشريع بتاريخ 14/7/2019 بمنح بطاقة منح بطاقة تكريم تسمى (بطاقة جريح وطن) للمصابين بنسبة عجز 40 بالمئة فما فوق بسبب الحرب أو العمليات الحربية أو على يد عصابة إرهابية أو عناصر معادية وذلك لعسكريي الجيش والقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي وكل من أصيب وهو يقاتل بإمرة الجيش.
مساهمات فردية
أصيب حمزة سليمان كما حال زميله داني بعد عام من التحاقه بالجيش السوري في 2013، بمنطقة القلمون على الحدود مع لبنان.
يقول حمزة "كنت في استطلاع للقوات المهاجمة التي تتقدم لتحرير تلال بجرود رأس المعرة ليلاً على جبل علوه نحو2300 متر، فأصيبت قدمي مما اضطر الأطباء إلى بترها، أما قدمي اليمنى، ففيها تهشم، و في عام 2015 انتهيت من العلاج، فحاولت تجاهل إصابتي وبدأت أتابع الأخبار الميدانية والقنوات المعارضة،
وبمعارك إدلب لاحظت كيف أن الإعلام المعارض يفبرك الأخبار الكاذبة لتحطيم المعنويات وخاصة أنني اتواصل مع أصدقاء لي يخدمون في إدلب، فقررت أن أحارب الإرهاب بطريقة أخرى (إعلامياً) عن طريق إنشاء صفحة على "فيس بوك" ونشر أخبار ميدانية حقيقية، مستعيناً بأصدقاء السلاح المنتشرين في كل بقاع سورية." ويضم حمزة صوته لصوت زميله داني بالمطالبة بحقوق مصابي القوات الرديفة، و تعويض عجزهم في حال كانت النسبة تحت 80% .
لم يقتصر دور كل من داني وحمزة بالحرب على حمل السلاح، بل قاموا مع بعض أصدقاء مصابين لهم بإنشاء صفحة على "فيس بوك" باسم "جرحك شرفك" التي بدأت كدعم نفسي للجرحى، ما لبثت أن أصبحت تقدم المساعدة للجرحى من خلال إعطاء رقم هاتف الحالة للشخص المتبرع، واستطاعت هذه الصفحة تقديم الكثير من المساعدات، مؤكدين أن التبرعات كلها من شخصيات عامة من الشعب نافين تواصل أي جهة رسمية أو أهلية أو معروفة بتقديم المساعدات!
الشؤون الاجتماعية: محاولات ولكن!
تواصلنا مع وزارة الشؤون الاجتماعية كإحدى الجهات المسؤولة عن جرحى الحرب، محمود الكوا" مدير مرصد سوق العمل" في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، أوضح أن الوزارة تعمل على توفير خدمات مركبة لجرحى الجيش السوري تتنوع من الدعم النفسي الاجتماعي وتطوير عدد من البنى الاجتماعية التابعة للوزارة بما يتلاءم مع الخدمات الموفرة، حيث تم على سبيل المثال افتتاح قسم الاستقبال والصالة الرياضية بمعهد التأهيل المهني التابع للوزارة بمنطقة مساكن برزة، وتوفر الصالة مكانا ملائما لممارسة عدد من الرياضات بحسب نوع الإصابة لدى الجريح، كما يتم العمل على استكمال تجهيز قسم الإقامة لتوفير إقامة مؤقتة لجرحى الجيش العربي السوري بطاقة استيعابية دوارة ضمن هذا القسم تصل إلى ٣٠ جريح.
أضاف الكوا بأنه تم الانتهاء بشكل كامل من إعادة تأهيل مشروع بيت الجريح بمنطقة (بيت ياشوط) بمحافظة اللاذقية ليوفر الإقامة للجريح ومن يرافقه للاستفادة من الخدمات المخطط توفيرها بعد استكمال تجهيز المشروع والتي تشمل خدمات المعالجة الفيزيائية، وكذلك خدمات الرعاية المختلفة، ويعتبر هذا المشروع أحد أهم المشاريع التي توفر خدمات لجرحى الجيش العربي السوري بمحافظات اللاذقية وطرطوس وحماة، مبيناً أن الوزارة توفر عبر ذراعها التنفيذي المتمثل بالجمعيات الأهلية مختلف أنواع الخدمات لهذه الشريحة وبكافة المحافظات حسب إمكانيات كل جمعية من الجمعيات المشهرة والتي تعنى بالجرحى وذويهم.
وبين مدير مرصد سوق العمل أنه يتم منح هذه الشريحة الأولوية بكافة البرامج والحزم الاستهدافية التي تنفذها الوزارة (التدريب المنتهي بالتشغيل- دعم الخريجين الجدد- ...) بالإضافة لتوجيه برامج المسؤولية الاجتماعية لدى القطاع الخاص مما يعزز من الخدمات الموفرة لشريحة الجرحى.
كما تم توفير دعم مادي عبر برنامج للإعانات النقدية لعدد من الاعاقات الشديدة بمحافظات حلب واللاذقية وطرطوس والحسكة شمل 5000 مستفيد، ويتم تنفيذ البرنامج خلال الربع الأول من العام لذوي الأذية الشوكية.
ويشير الكوا إلى أنه يتم منح المصابين القادرين على العمل الأولوية بالاستفادة من التمويل المتاح عبر برنامج تمكين الريف السوري والذي يوفر قرضا مدعوما بنسبة ٤% من الفائدة (٦% يسددها المستفيد) لدعم هذه الشريحة بتأسيس مشروعاتهم متناهية الصغر، بالإضافة لربطهم بفرص العمل المتاحة بالقطاع الخاص.
للجمعيات الأهلية دورها
انطلقت فكرة جمعية النادي السوري التطوعي لمتابعة شؤون الجرحى مطلع العام 2013، كفريق تطوعي يضم عدداً من الشباب، منهم أطباء وممرضين، بهدف إيصال خدمة الضماد والإسعافات الأولية إلى المنازل، وأتى ذلك بعد الحصار الذي شهدته بعض أحياء مدينة حمص، وإغلاق بعضها الآخر، و خروج معظم المشافي والمراكز الصحية الحكومية عن الخدمة، فمن هنا تبلورت الفكرة ثم تطورت إلى أن زاد عدد الجرحى ورافقها زيادة الأعباء فتقرر ترخيص الفريق التطوعي باسم (جمعية النادي السوري التطوعي لمتابعة شؤون الجرحى)، حيث تهدف الجمعية لتقديم الخدمات الطبية والإنسانية وخدمات المعالجة الفيزيائية للجرحى في منازلهم، و يضاف إلى ذلك و- حسب الإمكانيات المتاحة- تقديم الدعم النفسي والرعاية الاجتماعية للجريح وأسرته عبر تحسين الواقع المعيشي لهم من خلال مشاريع تشغيلية مناسبة لتنمية القدرات ليكون الجرحى أكثر فاعلية وإنتاجية ضمن المجتمع.
يقول الاعلامي حيدر رزوق" نائب مدير الجمعية" إنه على الرغم من عودة بعض المراكز الصحية للعمل مجدداً إلا أنها بقيت دون أي استراتيجية واضحة لمتابعة شؤون الجرحى، وظل الأمر يعتمد على القوانين المعمول بها ومعاملة الجريح وكأنه مريض عادي، وعدم توفير المستلزمات الخاصة بتأهيل الجرحى سواء أجهزة حركية أو مراكز معالجة فيزيائية مجانية، بينما كان الاعتماد على الجمعيات الخيرية التي كانت تعنى بهذا الشأن، لكنها في الوقت ذاته، ليست من أهل الاختصاص، و ما يميز الجمعية هو أنها الوحيدة في حمص التي تمتلك اختصاصيين سواء أطباء أو ممرضين أو فنيين و معالجين فيزيائيين، لذلك كان هناك جهد خاص قامت به إدارة الجمعية بالتعاون مع محافظة حمص لتشكيل مكتب يتبع لمديرية الصحة، ويعنى بالجرحى، وعلى الرغم من استحداث هذا المكتب بعد موافقة الوزارة إلا أن عمله كان أرشيفياً أكثر منه مكتب لتقديم الخدمات، وذلك لأسباب منها أن وزارة الصحة لا تلحظ هذا المكتب ضمن خطتها المالية، وبالتالي لا يوجد أي دعم مالي يمكن أن يساعد في تقديم الخدمات للجرحى، أما بالنسبة للأدوية النوعية التي تخص أنواع الإصابات والمراهم الخاصة بترميم "الخشكريشا" فهي لم تكن موجودة ولم يتم شراؤها بالنسبة للأطراف الصناعية، وبدأت مديرية الصحة بالتعاون مع المنظمات الدولية بتقديم أعداد من الأطراف الصناعية على مراحل.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: