"إدلب" مازالت "حقل من الألغام" أمام العلاقة "الروسية التركية" !
محمد نادر العمري
مرة جديدة تبدو أن هدنة وقف إطلاق النار التي تم الإعلان عنها من قبل "روسيا" لمدة ثلاث أيام مع الجانب التركي في مدينة "إدلب"، لم يكن له مفاعيل أساسية ولا ترجمة ميدانية مع انتهاء مدة تطبيقه الذي لم ينفذ، في ضوء التجاذبات المتصاعدة بين الطرفين من جهة ورفض المجاميع الإرهابية التابعة للقاعدة كـ"النصرة" و"حراس الدين" لمثل هذه الهدن بل لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل لحد رفض الميليشيات المسلحة التي تصنفها أنقرة على أنها معتدلة لهذا الاتفاق بل وهاجمته وسارعت إلى خرقه وبخاصة "حركة أحرار الشام" و"فيلق الشام".
فـ"تركيا" التي أكد مسؤوليها أن الحديث عن وقف كامل لإطلاق النار (غير دقيق) في الوقت الحالي، يتضمن مروحة من الدلالات الهامة:
أولاً: اتساع هامش التباين الحاصل بين "تركيا" و"روسيا"، ولاسيما في ظل استمرار الرهان التركي على الميليشيات المسلحة لتحقيق مكاسب سياسية فيما يتعلق باللجنة الدستورية أو لكسب المزيد من الوقت للوصول لصيغة تفاهم مع واشنطن فيما يتعلق بالمنطقة الشمالية الشرقية من "سوريا" والتخلي عن الميليشيات الكردية.
ثانياً: الرغبة التركية في تحشيد التأييد الإقليمي والدولي لوقف زحف الجيش السوري وحلفائه في إدلب، وهذا برز بشكل واضح من خلال النشاط الدبلوماسي والزيارات المكثفة التي شهدتها أنقرة خلال الأيام السابقة، إذ استقبل وزير خارجيتها "مولود جاويش أوغلو" نظيره الفرنسي " جان إيف لورديان" والمبعوث الأممي إلى سوريا "غير بيدرسون".
وفي الملفين تصدرت إدلب محور المحادثات بشكل واضح وأساسي، إذ أكد الوزير الفرنسي على دعم بلاده لتركيا بشأن إدلب وخاصة ضمان الالتزام بوقف إطلاق النار، لأن الوضع يمكن أن يكون له تأثير خطير للغاية (وفق وصفه)، وهو تقارب وسلوك فرنسي غير اعتيادي في الدعم لتركيا وبخاصة في ظل الخصومة والعداوة التركية الفرنسية خلال العقود السابقة والمتعلقة برفض فرنسي بدخول تركيا للاتحاد الأوروبي وتناقض المواقف تجاه الاكراد في المنطقة.
بينما مثل تأكيد وزير الخارجية التركي أمام ضيفه الدولي على ضرورة حماية منطقة خفض التصعيد في إدلب، ضغطاً تركياً على تحريف مسار والسلوك الذي اتبعه بيدرسون، والذي صرح به مؤخراً عن احقية الجيش السوري في القضاء على الإرهاب بمدينة إدلب.
من الواضح ان إدلب مقبلة على جولة اشتباك وكباش على المستويين السياسي والعسكري في ظل دخول اتفاق سوتشي لغرفة إنعاش او مرحلة الموت السريري، فتركيا التي تراهنن وتتمسك على آخر خيارتها في إدلب ستفقد دورها وتأثيرها بمجرد القضاء على المجاميع الإرهابية وهي بذات الوقت تسعى للحفاظ على دعمهم خشية ارتدادهم عليها والقيام بعمليات انتقامية في الداخل التركي من جانب ولاستخدامهم أداة ابتزاز ضد دول اوروبية تخشى عودتهم، في حين أن واشنطن ستبقى تلجأ لذرائعها التي تسميهم الإنساني والكيميائي لوقف التقدم السوري، خشية من صدى ما يحصل في إدلب على المنطقة الشمالية الشرقية وبخاصة ضد ميليشيات قسد..... فالعنوان الأبرز للمرحلة القادمة هو إعادة تكرار نماذج تحرير مناطق خفض التصعيد السابقة وما نشهده من تجاذبات هو جص من صراع نفوذ ووجود لن تتخلى سوريا من خلاله على التمسك بسيادتها فأي حل او هدنة لن يتضمن القضاء على الإرهاب وتطبيقه سيكون مصيره الانفجار وسط حقل من الألغام.
المصدر: خاص
بواسطة :
شارك المقال: